الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: مختصر المزني ***
قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله إنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى لِمَا خَصَّ بِهِ رَسُولَهُ صلى الله عليه وسلم مِنْ وَحْيِهِ وَأَبَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ خَلْقِهِ بِمَا فَرَضَ عَلَيْهِمْ مِنْ طَاعَتِهِ افْتَرَضَ عَلَيْهِ أَشْيَاءَ خَفَّفَهَا عَنْ خَلْقِهِ لِيَزِيدَهُ بِهَا إنْ شَاءَ اللَّهُ قُرْبَةً وَأَبَاحَ لَهُ أَشْيَاءَ حَظَرَهَا عَلَى خَلْقِهِ زِيَادَةً فِي كَرَامَتِهِ وَتَبْيِينًا لِفَضِيلَتِهِ فَمِنْ ذَلِكَ أَنَّ كُلَّ مَنْ مَلَكَ زَوْجَةً فَلَيْسَ عَلَيْهِ تَخْيِيرُهَا، وَأُمِرَ عليه الصلاة والسلام أَنْ يُخَيِّرَ نِسَاءَهُ فَاخْتَرْنَهُ فَقَالَ تَعَالَى {لاَ يَحِلُّ لَك النِّسَاءُ مِنْ بَعْدُ} {قَالَتْ عَائِشَةُ رضي الله عنها: مَا مَاتَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى أُحِلَّ لَهُ النِّسَاءُ} قَالَ: كَأَنَّهَا تَعْنِي اللَّاتِي حَظَرَهُنَّ عَلَيْهِ قَالَ تَعَالَى {وَامْرَأَةٌ مُؤْمِنَةٌ إنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ} الآيَةَ.، وَقَالَ تَعَالَى {يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنْ النِّسَاءِ إنْ اتَّقَيْتُنَّ} فَأَبَانَهُنَّ بِهِ مِنْ نِسَاءِ الْعَالَمِينَ وَخَصَّهُ بِأَنْ جَعَلَهُ عليه الصلاة والسلام أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَاجَهُ أُمَّهَاتِهِمْ قَالَ: أُمَّهَاتُهُمْ فِي مَعْنًى دُونَ مَعْنًى وَذَلِكَ أَنَّهُ لاَ يَحِلُّ نِكَاحُهُنَّ بِحَالٍ وَلَمْ تَحْرُمْ بَنَاتٌ لَوْ كُنَّ لَهُنَّ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَدْ زَوَّجَ بَنَاتَه وَهُنَّ أَخَوَاتُ الْمُؤْمِنِينَ.
مِنْ الْجَامِعِ وَمِنْ كِتَابِ النِّكَاحِ جَدِيدٍ وَقَدِيمٍ، وَمِنْ الْإِمْلاَءِ عَلَى مَسَائِلِ مَالِكٍ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله وَأُحِبُّ لِلرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ أَنْ يَتَزَوَّجَا إذَا تَاقَتْ أَنْفُسُهُمَا إلَيْهِ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَمَرَ بِهِ وَرَضِيَهُ وَنَدَبَ إلَيْهِ وَبَلَغَنَا أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ {تَنَاكَحُوا تَكْثُرُوا فَإِنِّي أُبَاهِي بِكُمْ الْأُمَمَ حَتَّى بِالسِّقْطِ} وَأَنَّهُ قَالَ {مَنْ أَحَبَّ فِطْرَتِي فَلْيَسْتَنَّ بِسُنَّتِي وَمِنْ سُنَّتِي النِّكَاحُ} وَيُقَالُ: إنَّ الرَّجُلَ لَيُرْفَعُ بِدُعَاءِ وَلَدِهِ مِنْ بَعْدِهِ. قَالَ وَمَنْ لَمْ تَتُقْ نَفْسُهُ إلَى ذَلِكَ فَأَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يَتَخَلَّى لِعِبَادَةِ اللَّهِ تَعَالَى. قَالَ وَقَدْ ذَكَرَ اللَّهُ تَعَالَى {وَالْقَوَاعِدُ مِنْ النِّسَاءِ} وَذَكَرَ عَبْدًا أَكْرَمَهُ فَقَالَ {وَسَيِّدًا وَحَصُورًا} وَالْحَصُورُ الَّذِي لاَ يَأْتِي النِّسَاءَ وَلَمْ يَنْدُبْهُنَّ إلَى النِّكَاحِ فَدَلَّ أَنَّ الْمَنْدُوبَ إلَيْهِ مَنْ يَحْتَاجُ إلَيْهِ. قَالَ وَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَتَزَوَّجَ الْمَرْأَةَ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَنْظُرَ إلَيْهَا حَاسِرَةً وَيَنْظُرَ إلَى وَجْهِهَا وَكَفَّيْهَا وَهِيَ مُتَغَطِّيَةٌ بِإِذْنِهَا وَبِغَيْرِ إذْنِهَا قَالَ اللَّه تَعَالَى {وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا} قَالَ الْوَجْهُ وَالْكَفَّانِ.
مِنْ جَامِعِ كِتَابِ النِّكَاحِ وَأَحْكَامِ الْقُرْآنِ وَكِتَابُ النِّكَاحِ إمْلاَءٌ عَلَى مَسَائِلِ مَالِكٍ، وَاخْتِلاَفُ الْحَدِيثِ وَالرِّسَالَةِ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله تعالى فَدَلَّ كِتَابُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَسُنَّةُ نَبِيِّهِ عليه الصلاة والسلام عَلَى أَنَّ حَقًّا عَلَى الْأَوْلِيَاءِ أَنْ يُزَوِّجُوا الْحَرَائِرَ البوالغ إذَا أَرَدْنَ النِّكَاحَ وَدَعَوْنَ إلَى رِضًا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَإِذَا طَلَّقْتُمْ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ إذَا تَرَاضَوْا بَيْنَهُمْ بِالْمَعْرُوفِ}. قَالَ وَهَذِهِ أَبْيَنُ آيَةً فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى دَلاَلَةً عَلَى أَنْ لَيْسَ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تَتَزَوَّجَ بِغَيْرِ وَلِيٍّ. قَالَ وَقَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ: نَزَلَتْ فِي مَعْقِلِ بْنِ يَسَارٍ رضي الله عنه وَذَلِكَ أَنَّهُ زَوَّجَ أُخْتَهُ رَجُلاً فَطَلَّقَهَا فَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا ثُمَّ طَلَبَ نِكَاحَهَا وَطَلَبَتْهُ فَقَالَ: زَوَّجْتُك أُخْتِي دُونَ غَيْرِك ثُمَّ طَلَّقْتهَا لاَ أُنْكِحُكهَا أَبَدًا فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ. وَرَوَتْ عَائِشَةُ رضي الله عنها أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ {أَيُّمَا امْرَأَةٍ نَكَحَتْ بِغَيْرِ إذْنِ وَلِيِّهَا فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ ثَلاَثًا فَإِنْ مَسَّهَا فَلَهَا الْمَهْرُ بِمَا اسْتَحَلَّ مِنْ فَرْجِهَا فَإِنْ اشْتَجَرُوا أَوْ قَالَ اخْتَلَفُوا فَالسُّلْطَانُ وَلِيُّ مَنْ لاَ وَلِيَّ لَهُ}. قَالَ وَفِي ذَلِكَ دَلاَلاَتٌ. مِنْهَا أَنَّ لِلْوَلِيِّ شِرْكًا فِي بُضْعِهَا لاَ يَتِمُّ النِّكَاحُ إلَّا بِهِ مَا لَمْ يُعْضِلْهَا وَلاَ نَجِدُ لِشِرْكِهِ فِي بُضْعِهَا مَعْنًى إلَّا فَضْلَ نَظَرِهِ لِحِيَاطَةِ الْمَوْضِعِ أَنْ يَنَالَهَا مَنْ لاَ يُكَافِئُهَا نَسَبُهُ وَفِي ذَلِكَ عَارٌ عَلَيْهِ وَأَنَّ الْعَقْدَ بِغَيْرِ وَلِيٍّ بَاطِلٌ لاَ يَجُوزُ بِإِجَازَتِهِ وَأَنَّ الْإِصَابَةَ إذَا كَانَتْ بِشُبْهَةٍ فَفِيهَا الْمَهْرُ وَدُرِئَ الْحَدُّ. قَالَ وَلاَ وِلاَيَةَ لِوَصِيٍّ؛ لِأَنَّ عَارَهَا لاَ يَلْحَقُهُ وَجَمَعَتْ الطَّرِيقُ رُفْقَةً فِيهِمْ امْرَأَةٌ ثَيِّبٌ فَوَلَّتْ أَمْرَهَا رَجُلاً مِنْهُمْ فَتَزَوَّجْهَا فَجَلَدَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه النَّاكِحَ وَالْمُنْكِحَ وَرَدَّ نِكَاحَهُمَا وَفِي قَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: {الْأَيِّمُ أَحَقُّ بِنَفْسِهَا مِنْ وَلِيِّهَا وَالْبِكْرُ تُسْتَأْذَنُ فِي نَفْسِهَا وَإِذْنُهَا صُمَاتُهَا} دَلاَلَةً عَلَى الْفَرْقِ بَيْنَ الثَّيِّبِ وَالْبِكْرِ فِي أَمْرَيْنِ: أَحَدُهُمَا أَنَّ إذْنَ الْبِكْرِ الصَّمْتُ وَاَلَّتِي تُخَالِفُهَا الْكَلاَمُ. وَالْآخَرُ: أَنَّ أَمْرَهُمَا فِي وِلاَيَةِ أَنْفُسِهِمَا مُخْتَلِفٌ، فَوِلاَيَةُ الثَّيِّبِ أَنَّهَا أَحَقُّ مِنْ الْوَلِيِّ وَالْوَلِيُّ هَا هُنَا الْأَبُ- وَاَللَّهُ أَعْلَمُ- دُونَ الْأَوْلِيَاءِ. وَمِثْلُ هَذَا حَدِيثُ {خَنْسَاءَ زَوَّجَهَا أَبُوهَا وَهِيَ ثَيِّبٌ فَكَرِهَتْ ذَلِكَ فَرَدَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نِكَاحَهُ وَفِي تَرْكِهِ أَنْ يَقُولَ لِخَنْسَاءَ إلَّا أَنْ تَشَائِي أَنْ تُجِيزِي مَا فَعَلَ أَبُوك} دَلاَلَةً عَلَى أَنَّهَا لَوْ أَجَازَتْهُ مَا جَازَ وَالْبِكْرُ مُخَالِفَةٌ لَهَا لِاخْتِلاَفِهِمَا فِي لَفْظِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَلَوْ كَانَا سَوَاءً كَانَ لَفْظُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُمَا أَحَقُّ بِأَنْفُسِهِمَا، {وَقَالَتْ عَائِشَةُ رضي الله عنها: تَزَوَّجَنِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَنَا ابْنَةُ سَبْعِ سِنِينَ وَدَخَلَ بِي وَأَنَا ابْنَةُ تِسْعٍ} وَهِيَ لاَ أَمْرَ لَهَا وَكَذَلِكَ إذَا بَلَغَتْ، وَلَوْ كَانَتْ أَحَقَّ بِنَفْسِهَا أَشْبَهَ أَنْ لاَ يَجُوزَ ذَلِكَ عَلَيْهَا قَبْلَ بُلُوغِهَا كَمَا قُلْنَا فِي الْمَوْلُودِ يُقْتَلُ أَبُوهُ يُحْبَسُ قَاتِلُهُ حَتَّى يَبْلُغَ فَيَقْتُلَ أَوْ يَعْفُوَ. قَالَ وَالِاسْتِئْمَارُ لِلْبِكْرِ عَلَى اسْتِطَابَةِ النَّفْسِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى لِنَبِيِّهِ صلى الله عليه وسلم: {وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ} لاَ عَلَى أَنَّ لِأَحَدٍ رَدَّ مَا رَأَى صلى الله عليه وسلم وَلَكِنْ لِاسْتِطَابَةِ أَنْفُسِهِمْ وَلِيُقْتَدَى بِسُنَّتِهِ فِيهِمْ، وَقَدْ أَمَرَ نُعَيْمًا أَنْ يُؤَامِرَ أُمَّ بِنْتِهِ. قَالَ الْمُزَنِيّ رحمه الله وَرَوَى الشَّافِعِيُّ عَنْ الْحَسَنِ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ {لاَ نِكَاحَ إلَّا بِوَلِيٍّ وَشَاهِدَيْ عَدْلٍ} وَرَوَاهُ غَيْرُ الشَّافِعِيِّ عَنْ الْحَسَنِ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَاحْتَجَّ الشَّافِعِيُّ بِابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ لاَ نِكَاحَ إلَّا بِوَلِيٍّ مُرْشِدٍ وَشَاهِدَيْ عَدْلٍ وَأَنَّ عُمَرَ " رَدَّ نِكَاحًا لَمْ يَشْهَدْ عَلَيْهِ إلَّا رَجُلٌ وَامْرَأَةٌ، فَقَالَ هَذَا نِكَاحُ السِّرِّ وَلاَ أُجِيزُهُ، وَلَوْ تَقَدَّمْت فِيهِ لَرَجَمْتُ " وَقَالَ عُمَرُ رضي الله عنه " لاَ تَنْكِحُ الْمَرْأَةُ إلَّا بِإِذْنِ وَلِيِّهَا أَوْ ذِي الرَّأْيِ مِنْ أَهْلِهَا أَوْ السُّلْطَانِ ". قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَالنِّسَاءُ مُحَرَّمَاتُ الْفُرُوجِ فَلاَ يَحْلِلْنَ إلَّا بِمَا بَيَّنَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَبَيَّنَ {وَلِيًّا وَشُهُودًا، وَإِقْرَارَ الْمَنْكُوحَةِ الثَّيِّبِ وَصَمْتَ الْبِكْرِ}. قَالَ وَالشُّهُودُ عَلَى الْعَدْلِ حَتَّى يُعْلَمَ الْجَرْحُ يَوْمَ وَقَعَ النِّكَاحُ. قَالَ: وَلَوْ كَانَتْ صَغِيرَةٌ ثَيِّبٌ أُصِيبَتْ بِنِكَاحٍ أَوْ غَيْرِهِ فَلاَ تُزَوَّجُ إلَّا بِإِذْنِهَا وَلاَ يُزَوِّجُ الْبِكْرَ بِغَيْرِ إذْنِهَا وَلاَ يُزَوِّجُ الصَّغِيرَةَ إلَّا أَبُوهَا أَوْ جَدُّهَا بَعْدَ مَوْتِ أَبِيهَا. قَالَ: وَلَوْ كَانَ الْمُولَى عَلَيْهِ يَحْتَاجُ إلَى النِّكَاحِ زَوَّجَهُ وَلِيُّهُ فَإِنْ أَذِنَ لَهُ فَجَاوَزَ مَهْرَ مِثْلِهَا رَدَّ الْفَضْلَ، وَلَوْ أَذِنَ لِعَبْدِهِ فَتَزَوَّجَ كَانَ لَهَا الْفَضْلُ مَتَى عَتَقَ وَفِي إذْنِهِ لِعَبْدِهِ إذْنٌ بِاكْتِسَابِ الْمَهْرِ وَالنَّفَقَةِ إذَا وَجَبَتْ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ مَأْذُونًا لَهُ فِي التِّجَارَةِ أَعْطَى مِمَّا فِي يَدَيْهِ، وَلَوْ ضَمِنَ لَهَا السَّيِّدُ مَهْرَهَا وَهُوَ أَلْفٌ عَنْ الْعَبْدِ لَزِمَهُ فَإِنْ بَاعَهَا زَوْجُهَا قَبْلَ الدُّخُولِ بِتِلْكَ الْأَلْفِ بِعَيْنِهَا فَالْبَيْعُ بَاطِلٌ مِنْ قِبَلِ أَنَّ عُقْدَةَ الْبَيْعِ وَالْفَسْخِ وَقَعَا مَعًا، وَلَوْ بَاعَهَا إيَّاهُ بِأَلْفٍ لاَ بِعَيْنِهَا كَانَ الْبَيْعُ جَائِزًا وَعَلَيْهَا الثَّمَنُ وَالنِّكَاحُ مَفْسُوخٌ مِنْ قِبَلِهَا وَقِبَلِ السَّيِّدِ وَلَهُ أَنْ يُسَافِرَ بِعَبْدِهِ وَيَمْنَعَهُ مِنْ الْخُرُوجِ مِنْ بَيْتِهِ إلَى امْرَأَتِهِ وَفِي مِصْرِهِ إلَّا فِي الْحِينِ الَّذِي لاَ خِدْمَةَ لَهُ فِيهِ، وَلَوْ قَالَتْ لَهُ أَمَتُهُ: أَعْتِقْنِي عَلَى أَنْ أَنْكِحَك وَصَدَاقِي عِتْقِي فَأَعْتَقَهَا عَلَى ذَلِكَ فَلَهَا الْخِيَارُ فِي أَنْ تَنْكِحَ أَوْ تَدَعَ وَيُرْجَعَ عَلَيْهَا بِقِيمَتِهَا فَإِنْ نَكَحَتْهُ وَرَضِيَ بِالْقِيمَةِ الَّتِي عَلَيْهَا فَلاَ بَأْسَ. قَالَ الْمُزَنِيّ يَنْبَغِي فِي قِيَاسِ قَوْلِهِ أَنْ لاَ يُجِيزَ هَذَا الْمَهْرَ حَتَّى يَعْرِفَ قِيمَةَ الْأَمَةِ حِينَ أَعْتَقَهَا فَيَكُونُ الْمَهْرُ مَعْلُومًا؛ لِأَنَّهُ لاَ يُجِيزُ الْمَهْرَ غَيْرَ مَعْلُومٍ. قَالَ الْمُزَنِيّ سَأَلْت الشَّافِعِيَّ رحمه الله عَنْ حَدِيثِ {صَفِيَّةَ رضي الله عنها أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَعْتَقَهَا وَجَعَلَ عِتْقَهَا صَدَاقَهَا فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِي النِّكَاحِ أَشْيَاءُ لَيْسَتْ لِغَيْرِهِ}.
مِنْ الْجَامِعِ مِنْ كِتَابِ مَا يَحْرُمُ الْجَمْعُ بَيْنَهُ مِنْ النِّكَاحِ الْقَدِيمِ، وَإِنْكَاحُ أَمَةِ الْمَأْذُونِ لَهُ، وَغَيْرُ ذَلِكَ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَلاَ وِلاَيَةَ لِأَحَدٍ مَعَ الْأَبِ فَإِنْ مَاتَ فَالْجَدُّ ثُمَّ أَبُو الْجَدِّ ثُمَّ أَبُو أَبِي الْجَدِّ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ كُلَّهُمْ أَبٌ فِي الثَّيِّبِ وَالْبِكْرِ سَوَاءٌ وَلاَ وِلاَيَةَ بَعْدَهُمْ لِأَحَدٍ مَعَ الْإِخْوَةِ ثُمَّ الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ مِنْ الْعَصَبَةِ. قَالَ الْمُزَنِيّ وَاخْتَلَفَ قَوْلُهُ فِي الْإِخْوَةِ فَقَالَ فِي الْجَدِيدِ: مَنْ انْفَرَدَ فِي دَرَجَةٍ بِأُمٍّ كَانَ أَوْلَى وَقَالَ فِي الْقَدِيمِ هُمَا سَوَاءٌ. قَالَ الْمُزَنِيّ قَدْ جَعَلَ الْأَخَ لِلْأَبِ وَالْأُمِّ فِي الصَّلاَةِ عَلَى الْمَيِّتِ أَوْلَى مِنْ الْأَخِ لِلْأَبِ وَجَعَلَهُ فِي الْمِيرَاثِ أَوْلَى مِنْ الْأَخِ لِلْأَبِ وَجَعَلَهُ فِي كِتَابِ الْوَصَايَا الَّذِي وَضَعَهُ بِخَطِّهِ لاَ أَعْلَمُهُ سُمِعَ مِنْهُ إذَا أَوْصَى لِأَقْرَبِهِمْ بِهِ رَحِمًا، أَنَّهُ أَوْلَى مِنْ الْأَخِ لِلْأَبِ. قَالَ الْمُزَنِيّ وَقِيَاسُ قَوْلِهِ أَنَّهُ أَوْلَى بِإِنْكَاحِ الْأُخْتِ مِنْ الْأَخِ لِلْأَبِ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله وَلاَ يُزَوِّجُ الْمَرْأَةَ ابْنُهَا إلَّا أَنْ يَكُونَ عَصَبَةً لَهَا. قَالَ وَلاَ وِلاَيَةَ بَعْدَ النَّسَبِ إلَّا لِلْمُعْتِقِ ثُمَّ أَقْرَبِ النَّاسِ بِعَصَبَةِ مُعْتِقِهَا فَإِنْ اسْتَوَتْ الْوُلاَةُ فَزَوَّجَهَا بِإِذْنِهَا دُونَ أَسَنِّهِمْ وَأَفْضَلِهِمْ كُفُؤًا جَازَ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ كُفُؤٍ لَمْ يَثْبُتْ إلَّا بِاجْتِمَاعِهِمْ قَبْلَ إنْكَاحِهِ فَيَكُونُ حَقًّا لَهُمْ تَرَكُوهُ. قَالَ وَلَيْسَ نِكَاحُ غَيْرِ الْكُفُؤِ بِمُحَرَّمٍ فَأَرُدُّهُ بِكُلِّ حَالٍ إنَّمَا هُوَ تَقْصِيرٌ عَنْ الْمُزَوَّجَةِ وَالْوُلاَةِ وَلَيْسَ نَقْصُ الْمَهْرِ نَقْصًا فِي النَّسَبِ وَالْمَهْرُ لَهَا دُونَهُمْ فَهِيَ أَوْلَى بِهِ مِنْهُمْ وَلاَ وِلاَيَةَ لِأَحَدٍ مِنْهُمْ وَثَمَّ أَوْلَى مِنْهُ فَإِنْ كَانَ أَوْلاَهُمْ بِهَا مَفْقُودًا أَوْ غَائِبًا بَعِيدَةً كَانَتْ غَيْبَتُهُ أَمْ قَرِيبَةً زَوَّجَهَا السُّلْطَانُ بَعْدَ أَنْ يَرْضَى الْخَاطِبُ وَيَحْضُرَ أَقْرَبُ وُلاَتِهَا وَأَهْلُ الْحَزْمِ مِنْ أَهْلِهَا وَيَقُولُ: هَلْ تَنْقِمُونَ شَيْئًا؟ فَإِنْ ذَكَّرُوهُ نَظَرَ فِيهِ، وَلَوْ عَضَلهَا الْوَلِيُّ زَوَّجَهَا السُّلْطَانُ وَالْعَضْلُ أَنْ تَدْعُوَ إلَى مِثْلِهَا فَيَمْتَنِعُ. قَالَ وَوَكِيلُ الْوَلِيِّ يَقُومُ مَقَامَهُ فَإِنْ زَوَّجَهَا غَيْرُ كُفُؤٍ لَمْ يَجُزْ وَوَلِيُّ الْكَافِرَةِ كَافِرٌ وَلاَ يَكُونُ الْمُسْلِمُ وَلِيًّا لِكَافِرَةٍ لِقَطْعِ اللَّهِ الْوِلاَيَةَ بَيْنَهُمَا بِالدِّينِ إلَّا عَلَى أَمَتِهِ وَإِنَّمَا صَارَ ذَلِكَ لَهُ؛ لِأَنَّ النِّكَاحَ لَهُ تَزَوَّجَ صلى الله عليه وسلم أُمَّ حَبِيبَةَ وَوَلِيَ عُقْدَةَ نِكَاحِهَا ابْنُ سَعِيدِ بْنُ الْعَاصِ وَهُوَ مُسْلِمٌ وَأَبُو سُفْيَانَ حَيٌّ وَكَانَ وَكِيلُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم عَمْرَو بْنَ أُمَيَّةَ الضَّمْرِيَّ. قَالَ الْمُزَنِيّ لَيْسَ هَذَا حُجَّةً فِي إنْكَاحِ الْأَمَةِ وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ أَرَادَ أَنْ لاَ مَعْنَى لِكَافِرٍ فِي مُسْلِمَةٍ، فَكَانَ ابْنُ سَعِيدٍ وَوَكِيلُهُ صلى الله عليه وسلم مُسْلِمَيْنِ وَلَمْ يَكُنْ لِأَبِيهَا مَعْنًى فِي وِلاَيَةِ مُسْلِمَةٍ إذَا كَانَ كَافِرًا. قَالَ الشَّافِعِيُّ: فَإِنْ كَانَ الْوَلِيُّ سَفِيهًا أَوْ ضَعِيفًا غَيْرَ عَالِمٍ بِمَوْضِعِ الْحَظِّ أَوْ سَقِيمًا مُؤْلَمًا أَوْ بِهِ عِلَّةٌ تُخْرِجُهُ مِنْ الْوِلاَيَةِ فَهُوَ كَمَنْ مَاتَ فَإِذَا صَلُحَ صَارَ وَلِيًّا، وَلَوْ قَالَتْ: قَدْ أَذِنْت فِي فُلاَنٍ فَأَيُّ وُلاَتِي زَوَّجَنِي فَهُوَ جَائِزٌ فَأَيُّهُمْ زَوَّجَهَا جَازَ، وَإِنْ تَشَاحُّوا أَقْرَعَ بَيْنَهُمْ السُّلْطَانُ، وَلَوْ أَذِنَتْ لِكُلِّ وَاحِدٍ أَنْ يُزَوِّجَهَا لاَ فِي رَجُلٍ بِعَيْنِهِ فَزَوَّجَهَا كُلُّ وَاحِدٍ رَجُلاً فَقَدْ قَالَ صلى الله عليه وسلم: {إذَا أَنْكَحَ الْوَلِيَّانِ فَالْأَوَّلُ أَحَقُّ} فَإِنْ لَمْ تُثْبِتْ الشُّهُودُ أَيُّهُمَا أَوَّلٌ فَالنِّكَاحُ مَفْسُوخٌ وَلاَ شَيْءَ لَهَا، وَإِنْ دَخَلَ بِهَا أَحَدُهُمَا عَلَى هَذَا كَانَ لَهَا مَهْرُ مِثْلِهَا وَهُمَا يُقِرَّانِ أَنَّهَا لاَ تَعْلَمُ مِثْلَ أَنْ تَكُونَ غَائِبَةً عَنْ النِّكَاحِ، وَلَوْ ادَّعَيَا عَلَيْهَا أَنَّهَا تَعْلَمُ أُحْلِفَتْ مَا تَعْلَمُ، وَإِنْ أَقَرَّتْ لِأَحَدِهِمَا لَزِمَهَا، وَلَوْ زَوَّجَهَا الْوَلِيُّ بِأَمْرِهَا مِنْ نَفْسِهِ لَمْ يَجُزْ كَمَا لاَ يَجُوزُ أَنْ يَشْتَرِيَ مِنْ نَفْسِهِ. قَالَ وَيُزَوِّجُ الْأَبُ أَوْ الْجَدُّ الِابْنَةَ الَّتِي يُؤَيَّسُ مِنْ عَقْلِهَا؛ لِأَنَّ لَهَا فِيهِ عَفَافًا وَغِنًى وَرُبَّمَا كَانَ شِفَاءً، وَسَوَاءٌ كَانَتْ بِكْرًا أَوْ ثَيِّبًا وَيُزَوِّجُ الْمَغْلُوبَ عَلَى عَقْلِهِ أَبُوهُ إذَا كَانَتْ بِهِ إلَى ذَلِكَ حَاجَةٌ وَابْنَهُ الصَّغِيرَ فَإِنْ كَانَ مَجْنُونًا أَوْ مَخْبُولاً كَانَ النِّكَاحُ مَرْدُودًا؛ لِأَنَّهُ لاَ حَاجَةَ بِهِ إلَيْهِ وَلَيْسَ لِأَب الْمَغْلُوبِ عَلَى عَقْلِهِ أَنْ يُخَالِعَ عَنْهُ وَلاَ يَضْرِبَ لِامْرَأَتِهِ أَجَلَ الْعِنِّينِ؛ لِأَنَّهَا إنْ كَانَتْ ثَيِّبًا فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ أَوْ بِكْرًا لَمْ يُعْقَلْ أَنْ يَدْفَعَهَا عَنْ نَفْسِهِ بِالْقَوْلِ أَنَّهَا تَمْتَنِعُ مِنْهُ وَلاَ يُخَالِعُ عَنْ الْمَعْتُوهَةِ وَلاَ يُبْرِئُ زَوْجَهَا مِنْ دِرْهَمٍ مِنْ مَالِهَا، فَإِنْ هَرَبَتْ وَامْتَنَعَتْ فَلاَ نَفَقَةَ لَهَا وَلاَ إيلاَءَ عَلَيْهِ فِيهَا وَقِيلَ لَهُ: اتَّقِ اللَّهَ فِيهَا فَيْء أَوْ طَلِّقْ فَإِنْ قَذَفَهَا أَوْ انْتَفَى مِنْ وَلَدِهَا قِيلَ لَهُ: إنْ أَرَدْت أَنْ تَنْفِيَ وَلَدَهَا فَالْتَعِنْ فَإِذَا الْتَعَنَ وَقَعَتْ الْفُرْقَةُ وَنُفِيَ عَنْهُ الْوَلَدُ فَإِنْ أَكْذَبَ نَفْسَهُ لَحِقَ بِهِ الْوَلَدُ وَلَمْ يُعَزَّرْ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُزَوِّجَ ابْنَتَهُ الصَّبِيَّةَ عَبْدًا وَلاَ غَيْرَ كُفْءٍ وَلاَ مَجْنُونًا وَلاَ مَخْبُولاً وَلاَ مَجْذُومًا وَلاَ أَبْرَصَ وَلاَ مَجْبُوبًا وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُكْرِهَ أَمَتَهُ عَلَى وَاحِدٍ مِنْ هَؤُلاَءِ بِنِكَاحٍ وَلاَ يُزَوِّجُ أَحَدٌ أَحَدًا مِمَّنْ بِهِ إحْدَى هَذِهِ الْعِلَلِ وَلاَ مَنْ لاَ يُطَاقُ جِمَاعُهَا وَلاَ أَمَةً؛ لِأَنَّهُ مِمَّنْ لاَ يَخَافُ الْعَنَتَ وَيُنْكِحُ أَمَةَ الْمَرْأَةِ وَلِيُّهَا بِإِذْنِهَا وَأَمَةُ الْعَبْدِ الْمَأْذُونِ لَهُ فِي التِّجَارَةِ مَمْنُوعَةٌ مِنْ السَّيِّدِ حَتَّى يَقْضِيَ دَيْنًا إنْ كَانَ عَلَيْهِ وَيُحْدِثَ لَهُ حَجْرًا ثُمَّ هِيَ أَمَتُهُ، وَلَوْ أَرَادَ السَّيِّدُ أَنْ يُزَوِّجَهَا دُونَ الْعَبْدِ أَوْ الْعَبْدَ دُونَ السَّيِّدِ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا وَلاَ وِلاَيَةَ لِلْعَبْدِ بِحَالٍ، وَلَوْ اجْتَمَعَا عَلَى تَزْوِيجِهَا لَمْ يَجُزْ وَقَالَ فِي بَابِ الْخِيَارِ مِنْ قِبَلِ النَّسَبِ: لَوْ انْتَسَبَ الْعَبْدُ لَهَا أَنَّهُ حُرٌّ فَنَكَحَتْهُ وَقَدْ أَذِنَ لَهُ سَيِّدُهُ ثُمَّ عَلِمَتْ أَنَّهُ عَبْدٌ أَوْ انْتَسَبَ إلَى نَسَبٍ وُجِدَ دُونَهُ وَهِيَ فَوْقَهُ فَفِيهَا قَوْلاَنِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّ لَهَا الْخِيَارَ؛ لِأَنَّهُ مَنْكُوحٌ بِعَيْنِهِ وَغَرَّرَ بِشَيْءٍ وُجِدَ دُونَهُ. وَالثَّانِي: أَنَّ النِّكَاحَ مَفْسُوخٌ كَمَا لَوْ أَذِنَتْ فِي رَجُلٍ بِعَيْنِهِ فَزُوِّجَتْ غَيْرَهُ. قَالَ الْمُزَنِيّ رحمه الله قَدْ قُطِعَ أَنَّهُ لَوْ وُجِدَ دُونَ مَا انْتَسَبَ إلَيْهِ وَهُوَ كُفُؤٌ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلاَ لِوَلِيِّهَا الْخِيَارُ وَفِي ذَلِكَ إبْطَالُ أَنْ يَكُونَ فِي مَعْنَى مَنْ أَذِنَتْ لَهُ فِي رَجُلٍ بِعَيْنِهِ فَزُوِّجَتْ غَيْرَهُ فَقَدْ بَطَلَ الْفَسْخُ فِي قِيَاسِ قَوْلِهِ وَثَبَتَ لَهَا الْخِيَارُ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَلَوْ كَانَتْ هِيَ الَّتِي غَرَّتْهُ بِنَسَبٍ فَوَجَدَهَا دُونَهُ فَفِيهَا قَوْلاَنِ: أَحَدُهُمَا: إنْ شَاءَ فَسَخَ بِلاَ مَهْرٍ وَلاَ مُتْعَةٍ، وَإِنْ كَانَ بَعْدَ الْإِصَابَةِ فَلَهَا مَهْرُ مِثْلِهَا وَلاَ نَفَقَةَ لَهَا فِي الْعِدَّةِ، وَإِنْ كَانَتْ حَامِلاً. وَالثَّانِي: لاَ خِيَارَ لَهُ إنْ كَانَتْ حُرَّةً؛ لِأَنَّ بِيَدِهِ طَلاَقَهَا وَلاَ يَلْزَمُهُ مِنْ الْعَارِ مَا يَلْزَمُهَا. قَالَ الْمُزَنِيّ رحمه الله قَدْ جَعَلَ لَهُ الْخِيَارَ إذَا غَرَّتْهُ فَوَجَدَهَا أَمَةً كَمَا جَعَلَ لَهَا الْخِيَارَ إذَا غَرَّهَا فَوَجَدَتْهُ عَبْدًا فَجَعَلَ مَعْنَاهُمَا فِي الْخِيَارِ بِالْغَرُورِ وَاحِدًا وَلَمْ يَلْتَفِتْ إلَى أَنَّ الطَّلاَقَ إلَيْهِ وَلاَ إلَى أَنْ لاَ عَارَ فِيهَا عَلَيْهِ وَكَمَا جَعَلَ لَهَا الْخِيَارَ بِالْغَرُورِ فِي نَقْصِ النَّسَبِ عَنْهَا وَجَعَلَهُ لَهَا فِي الْعَبْدِ فَقِيَاسُهُ أَنْ يَجْعَلَ لَهُ الْخِيَارَ بِالْغَرُورِ فِي نَقْصِ النَّسَبِ عَنْهُ كَمَا جَعَلَهُ لَهُ فِي الْأَمَةِ.
قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله تعالى قَالَ بَعْضُ النَّاسِ زَوَّجَتْ عَائِشَةُ ابْنَةَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ وَهُوَ غَائِبٌ بِالشَّامِ فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ: أَمِثْلِي يُفْتَاتُ عَلَيْهِ فِي بَنَاتِهِ؟ قَالَ فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا زَوَّجَتْهَا بِغَيْرِ أَمْرِهِ قِيلَ: فَكَيْفَ يَكُونُ أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ وَكَّلَ عَائِشَةَ لِفَضْلِ نَظَرِهَا إنْ حَدَثَ حَدَثٌ أَوْ رَأَتْ فِي مَغِيبِهِ لِابْنَتِهِ حَظًّا أَنْ تُزَوِّجَهَا احْتِيَاطًا وَلَمْ يَرَ أَنَّهَا تَأْمُرُ بِتَزْوِيجِهَا إلَّا بَعْدَ مُؤَامَرَتِهِ وَلَكِنْ تُوَاطِئُ وَتَكْتُبُ إلَيْهِ فَلَمَّا فَعَلَتْ قَالَ هَذَا، وَإِنْ كُنْت قَدْ فَوَّضْت إلَيْك فَقَدْ كَانَ يَنْبَغِي أَنْ لاَ تَفْتَاتِي عَلَيَّ وَقَدْ يَجُوزُ أَنْ يَقُولَ زَوِّجِي أَيْ وَكِّلِي مَنْ يُزَوِّجُ فَوَكَّلَتْ قَالَ: فَلَيْسَ لَهَا هَذَا فِي الْخَيْرِ قِيلَ: لاَ وَلَكِنْ لاَ يُشْبِهُ غَيْرَهُ؛ لِأَنَّهَا رَوَتْ {أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم جَعَلَ النِّكَاحَ بِغَيْرِ وَلِيٍّ بَاطِلاً} أَوَكَانَ يَجُوزُ لَهَا أَنْ تُزَوِّجَ بِكْرًا وَأَبُوهَا غَائِبٌ دُونَ إخْوَتِهَا أَوْ السُّلْطَانِ. قَالَ الْمُزَنِيّ رحمه الله مَعْنَى تَأْوِيلِهِ فِيمَا رَوَتْ عَائِشَةُ عِنْدِي غَلَطٌ وَذَلِكَ أَنَّهُ لاَ يَجُوزُ عِنْدَهُ إنْكَاحُ الْمَرْأَةِ وَوَكِيلُهَا مِثْلُهَا فَكَيْفَ يُعْقَلُ بِأَنْ تُوَكَّلَ وَهِيَ عِنْدَهُ لاَ يَجُوزُ إنْكَاحُهَا، وَلَوْ قَالَ: إنَّهُ أَمَرَ مَنْ يُنَفِّذُ رَأْيَ عَائِشَةَ فَأَمَرَتْهُ فَأَنْكَحَ خَرَجَ كَلاَمُهُ صَحِيحًا؛ لِأَنَّ التَّوْكِيلَ لِلْأَبِ حِينَئِذٍ وَالطَّاعَةُ لِعَائِشَةَ فَيَصِحُّ وَجْهُ الْخَبَرِ عَلَى تَأْوِيلِهِ الَّذِي يَجُوزُ عِنْدِي لاَ أَنَّ الْوَكِيلَ وَكِيلٌ لِعَائِشَةَ رضي الله عنها وَلَكِنَّهُ وَكِيلٌ لَهُ فَهَذَا تَأْوِيلُهُ.
مِنْ الْجَامِعِ مِنْ كِتَابِ التَّعْرِيضِ بِالْخِطْبَةِ، وَمِنْ كِتَابِ مَا يَحْرُمُ الْجَمْعُ بَيْنَهُ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله أَسْمَى اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى النِّكَاحَ فِي كِتَابِهِ بِاسْمَيْنِ النِّكَاحِ وَالتَّزْوِيجِ وَدَلَّتْ السُّنَّةُ عَلَى أَنَّ الطَّلاَقَ يَقَعُ بِمَا يُشْبِهُ الطَّلاَقَ وَلَمْ نَجِدْ فِي كِتَابٍ وَلاَ سُنَّةٍ إحْلاَلَ نِكَاحٍ إلَّا بِنِكَاحٍ أَوْ تَزْوِيجٍ، وَالْهِبَةُ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مُجْمَعٌ أَنْ يَنْعَقِدَ لَهُ بِهَا النِّكَاحُ بِأَنْ تَهَبَ نَفْسَهَا لَهُ بِلاَ مَهْرٍ وَفِي هَذَا دَلاَلَةٌ عَلَى أَنَّهُ لاَ يَجُوزُ النِّكَاحُ إلَّا بِاسْمِ التَّزْوِيجِ أَوْ النِّكَاحِ وَالْفَرْجُ مُحَرَّمٌ قَبْلَ الْعَقْدِ فَلاَ يَحِلُّ أَبَدًا إلَّا بِأَنْ يَقُولَ الْوَلِيُّ: قَدْ زَوَّجْتُكهَا أَوْ أَنْكَحْتُكهَا وَيَقُولَ الْخَاطِبُ: قَدْ قَبِلْت تَزْوِيجَهَا أَوْ نِكَاحَهَا أَوْ يَقُولَ الْخَاطِبُ زَوِّجْنِيهَا وَيَقُولَ الْوَلِيُّ: قَدْ زَوَّجْتُكهَا فَلاَ يُحْتَاجُ فِي هَذَا إلَى أَنْ يَقُولَ الزَّوْجُ قَدْ قَبِلْت، وَلَوْ قَالَ: قَدْ مَلَّكْتُك نِكَاحَهَا أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ فَقَبِلَ لَمْ يَكُنْ نِكَاحًا وَإِذَا كَانَتْ الْهِبَةُ أَوْ الصَّدَقَةُ تُمْلَكُ بِهَا الْأَبْدَانُ وَالْحُرَّةُ لاَ تَمْلِكُ فَكَيْفَ تَجُوزُ الْهِبَةُ فِي النِّكَاحِ؟ فَإِنْ قِيلَ مَعْنَاهَا زَوَّجْتُك قِيلَ: فَقَوْلُهُ قَدْ أَحْلَلْتهَا لَك أَقْرَبُ إلَى زَوَّجْتُكهَا وَهُوَ لاَ يُجِيزُهُ. قَالَ وَأُحِبُّ أَنْ يُقَدِّمَ بَيْنَ يَدَيْ خِطْبَتِهِ وَكُلِّ أَمْرٍ طَلَبَهُ سِوَى الْخِطْبَةِ حَمْدَ اللَّهِ تَعَالَى وَالثَّنَاءَ عَلَيْهِ وَالصَّلاَةَ عَلَى رَسُولِهِ عليه الصلاة والسلام وَالْوَصِيَّةَ بِتَقْوَى اللَّهِ ثُمَّ يَخْطُبَ وَأُحِبُّ لِلْوَلِيِّ أَنْ يَفْعَلَ مِثْلَ ذَلِكَ وَأَنْ يَقُولَ مَا قَالَ ابْنُ عُمَرَ: أَنْكَحْتُك عَلَى مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ مِنْ إمْسَاكٍ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٍ بِإِحْسَانٍ.
مِنْ الْجَامِعِ مِنْ كِتَابِ النِّكَاحِ وَكِتَابِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى، وَالرَّجُلُ يَقْتُلُ أَمَتَهُ وَلَهَا زَوْجٌ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: انْتَهَى اللَّهُ تَعَالَى بِالْحَرَائِرِ إلَى أَرْبَعٍ تَحْرِيمًا لاََنْ يَجْمَعَ أَحَدٌ غَيْرُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بَيْنَ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعٍ وَالْآيَةُ تَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا عَلَى الْأَحْرَارِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} وَمِلْكُ الْيَمِينِ لاَ يَكُونُ إلَّا لِلْأَحْرَارِ الَّذِينَ يَمْلِكُونَ الْمَالَ وَالْعَبْدُ لاَ يَمْلِكُ الْمَالَ. قَالَ فَإِذَا فَارَقَ الْأَرْبَعُ ثَلاَثًا ثَلاَثًا تَزَوَّجَ مَكَانَهُنَّ فِي عِدَّتِهِنَّ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَحَلَّ لِمَنْ لاَ امْرَأَةَ لَهُ أَرْبَعًا وَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ لاَ يَنْكِحُ أَرْبَعًا حَتَّى تَنْقَضِيَ عِدَّةُ الْأَرْبَعِ؛ لِأَنِّي لاَ أُجِيزُ أَنْ يَجْتَمِعَ مَاؤُهُ فِي خَمْسٍ أَوْ فِي أُخْتَيْنِ قُلْت فَأَنْتَ تَزْعُمُ لَوْ خَلاَ بِهِنَّ وَلَمْ يُصِبْهُنَّ أَنَّ عَلَيْهِنَّ الْعِدَّةَ فَلَمْ يَجْتَمِعْ فِيهِنَّ مَاؤُهُ فَأُبِحْ لَهُ النِّكَاحَ وَقَدْ فَرَّقَ اللَّهُ تَعَالَى بَيْنَ حُكْمِ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ فَجَعَلَ إلَيْهِ الطَّلاَقَ وَعَلَيْهَا الْعِدَّةُ فَجَعَلْته يَعْتَدُّ مَعَهَا ثُمَّ نَاقَضْت فِي الْعِدَّةِ. قَالَ وَأَيْنَ؟ قُلْت: إذْ جَعَلْت عَلَيْهِ الْعِدَّةَ كَمَا جَعَلْتهَا عَلَيْهَا أَفَيَجْتَنِبُ مَا تَجْتَنِبُ الْمُعْتَدَّةُ مِنْ الطِّيبِ وَالْخُرُوجِ مِنْ الْمَنْزِلِ؟ قَالَ: لاَ قُلْت: فَلاَ جَعَلْته فِي الْعِدَّةِ بِمَعْنَاهَا وَلاَ فَرَّقْت بِمَا فَرَّقَ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا وَقَدْ جَعَلَهُنَّ اللَّهُ مِنْهُ أَبْعَدَ مِنْ الْأَجْنَبِيَّاتِ؛ لِأَنَّهُنَّ لاَ يَحْلِلْنَ لَهُ إلَّا بَعْدَ نِكَاحِ زَوْجٍ وَطَلاَقِهِ أَوْ مَوْتِهِ وَعِدَّةٍ تَكُونُ بَعْدَهُ وَالْأَجْنَبِيَّات يَحْلِلْنَ لَهُ مِنْ سَاعَتِهِ. قَالَ وَلَوْ قَتَلَ الْمَوْلَى أَمَتَهُ أَوْ قَتَلَتْ نَفْسَهَا فَلاَ مَهْرَ لَهَا، وَإِنْ بَاعَهَا حَيْثُ لاَ يَقْدِرُ عَلَيْهَا فَلاَ مَهْرَ لَهَا حَتَّى يَدْفَعَهَا إلَيْهِ، وَإِنْ طَلَبَ أَنْ يُبَوِّئَهَا مَعَهُ بَيْتًا لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ عَلَى السَّيِّدِ. قَالَ وَلَوْ وَطِئَ رَجُلٌ جَارِيَةَ ابْنِهِ فَأَوْلَدَهَا كَانَ عَلَيْهِ مَهْرُهَا وَقِيمَتُهَا. قَالَ الْمُزَنِيّ قِيَاسُ قَوْلِهِ أَنْ لاَ تَكُونَ مِلْكًا لِأَبِيهِ وَلاَ أُمَّ وَلَدٍ بِذَلِكَ وَقَدْ أَجَازَ أَنْ يُزَوِّجَهُ أَمَتَهُ فَيُولِدَهَا فَإِذَا لَمْ تَكُنْ لَهُ بِأَنْ يُولِدَهَا مِنْ حَلاَلٍ أُمَّ وَلَدٍ بِقِيمَةٍ فَكَيْفَ بِوَطْءٍ حَرَامٍ وَلَيْسَ بِشَرِيكٍ فِيهَا فَيَكُونُ فِي مَعْنَى مَنْ أَعْتَقَ شِرْكًا لَهُ فِي أَمَةٍ وَهُوَ لاَ يَجْعَلُهَا أُمَّ وَلَدٍ لِلشَّرِيكِ إذَا أَحْبَلَهَا وَهُوَ مُعْسِرٌ وَهَذَا مِنْ ذَلِكَ أَبْعَدُ. قَالَ: وَإِنْ لَمْ يُحْبِلْهَا فَعَلَيْهِ عُقْرُهَا وَحَرُمَتْ عَلَى الِابْنِ وَلاَ قِيمَةَ لَهُ بِأَنْ حَرُمَتْ عَلَيْهِ وَقَدْ تَرْضِعُ امْرَأَةُ الرَّجُلِ بِلَبَنِهِ جَارِيَتَهُ الصَّغِيرَةَ فَتَحْرُمُ عَلَيْهِ وَلاَ قِيمَةَ لَهُ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَاَلَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ} الآيَةَ.، وَفِي ذَلِكَ دَلِيلُ أَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَرَادَ الْأَحْرَارَ؛ لِأَنَّ الْعَبِيدَ لاَ يَمْلِكُونَ، وَقَالَ عليه الصلاة والسلام {مَنْ بَاعَ عَبْدًا وَلَهُ مَالٌ فَمَالُهُ لِلْبَائِعِ إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَهُ الْمُبْتَاعُ} فَدَلَّ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ أَنَّ الْعَبْدَ لاَ يَمْلِكُ مَالاً بِحَالٍ وَإِنَّمَا يُضَافُ إلَيْهِ مَالُهُ كَمَا يُضَافُ إلَى الْفَرَسِ سَرْجُهُ وَإِلَى الرَّاعِي غَنَمُهُ فَإِنْ قِيلَ فَقَدْ رُوِيَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنه أَنَّ الْعَبْدَ يَتَسَرَّى. قِيلَ وَقَدْ رُوِيَ خِلاَفُهُ قَالَ ابْنُ عُمَرَ رضي الله عنهما لاَ يَطَأُ الرَّجُلُ إلَّا وَلِيدَةً إنْ شَاءَ بَاعَهَا، وَإِنْ شَاءَ وَهَبَهَا، وَإِنْ شَاءَ صَنَعَ بِهَا مَا شَاءَ قَالَ: وَلاَ يَحِلُّ أَنْ يَتَسَرَّى الْعَبْدُ وَلاَ مَنْ لَمْ تَكْمُلْ فِيهِ الْحُرِّيَّةُ بِحَالٍ وَلاَ يُفْسَخُ نِكَاحُ حَامِلٍ مِنْ زِنًا، وَأُحِبُّ أَنْ تُمْسَكَ حَتَّى تَضَعَ {وَقَالَ رَجُلٌ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: إنَّ امْرَأَتِي لاَ تَرُدُّ يَدَ لاَمِسٍ؛ قَالَ طَلِّقْهَا قَالَ: إنِّي أُحِبُّهَا قَالَ فَأَمْسِكْهَا} وَضَرَبَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه رَجُلاً وَامْرَأَةً فِي زِنًا وَحَرَصَ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَهُمَا فَأَبَى الْغُلاَمُ.
مِنْ الْجَامِعِ مِنْ كِتَابٍ قَدِيمٍ وَكِتَابٍ جَدِيدٍ، وَكِتَابِ التَّعْرِيضِ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله: وَيَنْكِحُ الْعَبْدُ اثْنَتَيْنِ وَاحْتَجَّ فِي ذَلِكَ بِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنهما وَقَالَ عُمَرُ: يُطَلِّقُ تَطْلِيقَتَيْنِ وَتَعْتَدُّ الْأَمَةُ حَيْضَتَيْنِ وَاَلَّتِي لاَ تَحِيضُ شَهْرَيْنِ أَوْ شَهْرًا وَنِصْفًا، وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: إذَا طَلَّقَ الْعَبْدُ امْرَأَتَهُ اثْنَتَيْنِ حَرُمَتْ عَلَيْهِ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ وَعِدَّةُ الْحُرَّةِ ثَلاَثُ حِيَضٍ وَالْأَمَةِ حَيْضَتَانِ وَسَأَلَ نُفَيْعٌ عُثْمَانَ وَزَيْدًا فَقَالَ: طَلَّقْت امْرَأَةً لِي حُرَّةً تَطْلِيقَتَيْنِ فَقَالاَ: حَرُمَتْ عَلَيْك حَرُمَتْ عَلَيْك. قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَبِهَذَا كُلِّهِ أَقُولُ: وَإِنْ تَزَوَّجَ عَبْدٌ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ فَالنِّكَاحُ فَاسِدٌ وَعَلَيْهِ مَهْرُ مِثْلِهَا إذَا عَتَقَ فَإِنْ أَذِنَ لَهُ فَنَكَحَ نِكَاحًا فَاسِدًا فَفِيهَا قَوْلاَنِ. أَحَدُهُمَا أَنَّهُ كَإِذْنِهِ لَهُ بِالتِّجَارَةِ فَيُعْطَى مِنْ مَالٍ إنْ كَانَ لَهُ وَإِلَّا فَمَتَى عَتَقَ وَالْآخَرُ كَالضَّمَانِ عَنْهُ فَيَلْزَمُهُ أَنْ يَبِيعَهُ فِيهِ إلَّا أَنْ يَفْدِيَهُ.
مِنْ الْجَامِعِ مِنْ كِتَابِ مَا يَحْرُمُ الْجَمْعُ بَيْنَهُ وَمِنْ النِّكَاحِ الْقَدِيمِ وَمِنْ الْإِمْلاَءِ وَمِنْ الرَّضَاعِ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله أَصْلُ مَا يَحْرُمُ بِهِ النِّسَاءُ ضَرْبَانِ: أَحَدُهُمَا بِأَنْسَابٍ، وَالْآخَرُ بِأَسْبَابٍ مِنْ حَادِثِ نِكَاحٍ أَوْ رَضَاعٍ وَمَا حَرُمَ مِنْ النَّسَبِ حَرُمَ مِنْ الرَّضَاعِ، وَحَرَّمَ اللَّهُ تَعَالَى الْجَمْعَ بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ {وَنَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ تُنْكَحَ الْمَرْأَةُ عَلَى عَمَّتِهَا أَوْ خَالَتِهَا} وَنَهَى عُمَرُ رضي الله عنه عَنْ الْأُمِّ وَابْنَتِهَا مِنْ مِلْكِ الْيَمِينِ، وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ وَدِدْت أَنَّ عُمَرَ كَانَ فِي ذَلِكَ أَشَدَّ مِمَّا هُوَ وَنَهَتْ عَنْ ذَلِكَ عَائِشَةُ وَقَالَ عُثْمَانُ فِي جَمْعِ الْأُخْتَيْنِ: أَمَّا أَنَا فَلاَ أُحِبُّ أَنْ أَصْنَعَ ذَلِكَ فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: لَوْ كَانَ إلَيَّ مِنْ الْأَمْرِ شَيْءٌ ثُمَّ وَجَدْت رَجُلاً يَفْعَلُ ذَلِكَ لَجَعَلْته نَكَالاً، قَالَ الزُّهْرِيُّ أَرَاهُ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: فَإِذَا تَزَوَّجَ امْرَأَةً ثُمَّ تَزَوَّجَ عَلَيْهَا أُخْتَهَا أَوْ عَمَّتَهَا أَوْ خَالَتَهَا، وَإِنْ بَعُدَتْ فَنِكَاحُهَا مَفْسُوخٌ دَخَلَ أَوْ لَمْ يَدْخُلْ وَنِكَاحُ الْأُولَى ثَابِتٌ وَتَحِلُّ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا عَلَى الِانْفِرَادِ، وَإِنْ نَكَحَهُمَا مَعًا فَالنِّكَاحُ مَفْسُوخٌ، وَإِنْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ بِهَا لَمْ تَحِلَّ لَهُ أُمُّهَا؛ لِأَنَّهَا مُبْهَمَةٌ وَحَلَّتْ لَهُ ابْنَتُهَا؛ لِأَنَّهَا مِنْ الرَّبَائِبِ، وَإِنْ دَخَلَ بِهَا لَمْ تَحِلَّ لَهُ أُمُّهَا وَلاَ ابْنَتُهَا أَبَدًا، وَإِنْ وَطِئَ أَمَتَهُ لَمْ تَحِلَّ لَهُ أُمُّهَا وَلاَ ابْنَتُهَا أَبَدًا وَلاَ يَطَأُ أُخْتَهَا وَلاَ عَمَّتَهَا وَلاَ خَالَتَهَا حَتَّى يُحَرِّمَهَا فَإِنْ وَطِئَ أُخْتَهَا قَبْلَ ذَلِكَ اجْتَنِبْ الَّتِي وَطِئَ آخِرًا وَأَحْبَبْت أَنْ يَجْتَنِبَ الْوَلِيَّ حَتَّى يَسْتَبْرِئَ الْآخِرَةَ فَإِذَا اجْتَمَعَ النِّكَاحُ وَمِلْكُ الْيَمِينِ فِي أُخْتَيْنِ أَوْ أَمَةٍ وَعَمَّتِهَا أَوْ خَالَتِهَا فَالنِّكَاحُ ثَابِتٌ لاَ يُفْسِخُهُ مِلْكُ الْيَمِينِ كَانَ قَبْلُ أَوْ بَعْدُ وَحَرُمَ بِمِلْكِ الْيَمِينِ لِأَنَّ النِّكَاحَ يُثْبِتُ حُقُوقًا لَهُ وَعَلَيْهِ، وَلَوْ نَكَحَهُمَا مَعًا انْفَسَخَ نِكَاحُهُمَا، وَلَوْ اشْتَرَاهُمَا مَعًا ثَبَتَ مِلْكُهُمَا وَلاَ يَنْكِحُ أُخْتَ امْرَأَتِهِ وَيَشْتَرِيهَا عَلَى امْرَأَتِهِ وَلاَ يُمَلِّكُ امْرَأَتَهُ غَيْرَهُ وَيُمَلِّكُ أَمَتَهُ غَيْرَهُ فَهَذَا مِنْ الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا وَلاَ بَأْسَ أَنْ يَجْمَعَ الرَّجُلُ بَيْنَ الْمَرْأَةِ وَزَوْجَةِ أَبِيهَا وَبَيْنَ امْرَأَةِ الرَّجُلِ وَابْنَةِ امْرَأَتِهِ إذَا كَانَتْ مِنْ غَيْرِهَا؛ لِأَنَّهُ لاَ نَسَبَ بَيْنَهُنَّ.
قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله الزِّنَا لاَ يُحَرِّمُ الْحَلاَلَ وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ. قَالَ الشَّافِعِيُّ:؛ لِأَنَّ الْحَرَامَ ضِدُّ الْحَلاَلِ فَلاَ يُقَاسُ شَيْءٌ عَلَى ضِدِّهِ قَالَ لِي قَائِلٌ يَقُولُ لَوْ قَبَّلَتْ امْرَأَتُهُ ابْنَهُ بِشَهْوَةٍ حَرُمَتْ عَلَى زَوْجِهَا أَبَدًا لِمَ قُلْت لاَ يُحَرِّمُ الْحَرَامُ الْحَلاَلَ؟ قُلْت: مِنْ قِبَلِ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى إنَّمَا حَرَّمَ أُمَّهَاتِ نِسَائِكُمْ وَنَحْوَهَا بِالنِّكَاحِ فَلَمْ يَجُزْ أَنْ يُقَاسَ الْحَرَامُ بِالْحَلاَلِ فَقَالَ: أَجِدُ جِمَاعًا وَجِمَاعًا قُلْت جِمَاعًا حُمِدْتَ بِهِ وَجِمَاعًا رُجِمْتَ بِهِ وَأَحَدُهُمَا نِعْمَةٌ وَجَعَلَهُ اللَّهُ نَسَبًا وَصِهْرًا وَأَوْجَبَ حُقُوقًا وَجَعَلَك مَحْرَمًا بِهِ لِأُمِّ امْرَأَتِك وَلِابْنَتِهَا تُسَافِرُ بِهِمَا وَجُعِلَ الزِّنَا نِقْمَةً فِي الدُّنْيَا بِالْحَدِّ وَفِي الْآخِرَةِ بِالنَّارِ إلَّا أَنْ يَعْفُوَا فَتَقِيسُ الْحَرَامَ الَّذِي هُوَ نِقْمَةٌ عَلَى الْحَلاَلِ الَّذِي هُوَ نِعْمَةٌ؟ وَقُلْت لَهُ: فَلَوْ قَالَ لَك قَائِلٌ وَجَدْت الْمُطَلَّقَةَ ثَلاَثًا تَحِلُّ بِجِمَاعِ زَوْجٍ فَأَحَلَّهَا بِالزِّنَا؛ لِأَنَّهُ جِمَاعٌ كَجِمَاعٍ كَمَا حَرَّمْت بِهِ الْحَلاَلَ؛ لِأَنَّهُ جِمَاعٌ وَجِمَاعٌ قَالَ: إذًا نُخْطِئُ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَحَلَّهَا بِإِصَابَةِ زَوْجٍ قِيلَ وَكَذَلِكَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ تَعَالَى فِي كِتَابِهِ بِنِكَاحِ زَوْجٍ وَإِصَابَةِ زَوْجٍ قَالَ: أَفَيَكُونُ شَيْءٌ يُحَرِّمُهُ الْحَلاَلُ وَلاَ يُحَرِّمُهُ الْحَرَامُ فَأَقُولُ بِهِ؟ قُلْتُ: نَعَمْ يَنْكِحُ أَرْبَعًا فَيَحْرُمُ عَلَيْهِ أَنْ يَنْكِحَ مِنْ النِّسَاءِ خَامِسَةً أَفَيَحْرُمُ عَلَيْهِ إذَا زَنَى بِأَرْبَعٍ شَيْءٌ مِنْ النِّسَاءِ قَالَ: لاَ يَمْنَعُهُ الْحَرَامُ مِمَّا يَمْنَعُهُ الْحَلاَلُ. قَالَ وَقَدْ تَرْتَدُّ فَتَحْرُمُ عَلَى زَوْجِهَا؟ قُلْت: نَعَمْ وَعَلَى جَمِيعِ الْخَلْقِ وَأَقْتُلُهَا وَأَجْعَلُ مَالَهَا فَيْئًا. قَالَ فَقَدْ أَوْجَدْتُك الْحَرَامَ يُحَرِّمُ الْحَلاَلَ قُلْت: أَمَّا فِي مِثْلِ مَا اخْتَلَفْنَا فِيهِ مِنْ أَمْرِ النِّسَاءِ فَلاَ. قَالَ الْمُزَنِيّ رحمه الله تَرَكْت ذَلِكَ لِكَثْرَتِهِ وَأَنَّهُ لَيْسَ بِشَيْءٍ. نِكَاحُ حَرَائِرِ أَهْلِ الْكِتَابِ إمَائِهِمْ وَإِمَاءِ الْمُسْلِمِينَ مِنْ الْجَامِعِ وَمِنْ كِتَابِ مَا يَحْرُمُ الْجَمْعُ بَيْنَهُ، وَغَيْرُ ذَلِكَ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله وَأَهْلُ الْكِتَابِ الَّذِينَ يَحِلُّ نِكَاحُ حَرَائِرِهِمْ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى دُونَ الْمَجُوسِ وَالصَّابِئُونَ وَالسَّامِرَةِ مِنْ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى إلَّا أَنْ يُعْلَمَ أَنَّهُمْ يُخَالِفُونَهُمْ فِي أَصْلِ مَا يُحِلُّونَ مِنْ الْكِتَابِ وَيُحَرِّمُونَ فَيَحْرُمُونَ كَالْمَجُوسِ، وَإِنْ كَانُوا يُجَامِعُونَهُمْ عَلَيْهِ وَيَتَأَوَّلُونَ فَيَخْتَلِفُونَ فَلاَ يُحَرَّمُونَ، فَإِذَا نَكَحَهَا فَهِيَ كَالْمُسْلِمَةِ فِيمَا لَهَا وَعَلَيْهَا إلَّا أَنَّهُمَا لاَ يَتَوَارَثَانِ وَالْحَدُّ فِي قَذْفِهَا التَّعْزِيرُ وَيُجْبِرُهَا عَلَى الْغُسْلِ مِنْ الْحَيْضِ وَالْجَنَابَةِ وَالتَّنَظُّفِ بِالِاسْتِحْدَادِ وَأَخْذِ الْأَظْفَارِ وَيَمْنَعُهَا مِنْ الْكَنِيسَةِ وَالْخُرُوجِ إلَى الْأَعْيَادِ كَمَا يَمْنَعُ الْمُسْلِمَةَ مِنْ إتْيَانِ الْمَسَاجِدِ وَيَمْنَعُهَا مِنْ شُرْبِ الْخَمْرِ وَأَكْلِ الْخِنْزِيرِ إذَا كَانَ يَتَقَذَّرُ بِهِ وَمِنْ أَكْلِ مَا يَحِلُّ إذَا تَأَذَّى بِرِيحِهِ، وَإِنْ ارْتَدَّتْ إلَى مَجُوسِيَّةٍ أَوْ إلَى غَيْرِ دِينِ أَهْلِ الْكِتَابِ فَإِنْ رَجَعَتْ إلَى الْإِسْلاَمِ أَوْ إلَى دِينِ أَهْلِ الْكِتَابِ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ فَهُمَا عَلَى النِّكَاحِ، وَإِنْ انْقَضَتْ قَبْلَ أَنْ تَرْجِعَ فَقَدْ انْقَطَعَتْ الْعِصْمَةُ؛ لِأَنَّهُ يَصْلُحُ أَنْ يَبْتَدِئَ.
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلاً أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ فَتَيَاتِكُمْ الْمُؤْمِنَاتِ} وَفِي ذَلِكَ دَلِيلُ أَنَّهُ أَرَادَ الْأَحْرَارَ؛ لِأَنَّ الْمِلْكَ لَهُمْ وَلاَ يَحِلُّ مِنْ الْإِمَاءِ إلَّا مُسْلِمَةً وَلاَ تَحِلُّ حَتَّى يَجْتَمِعَ شَرْطَانِ أَنْ لاَ يَجِدَ طَوْلَ حُرَّةٍ وَيَخَافُ الْعَنَتَ إنْ لَمْ يَنْكِحْهَا وَالْعَنَتُ، الزِّنَا وَاحْتُجَّ بِأَنَّ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: مَنْ وَجَدَ صَدَاقَ امْرَأَةٍ فَلاَ يَتَزَوَّجُ أَمَةً قَالَ طَاوُسٌ: لاَ يَحِلُّ نِكَاحُ الْحُرِّ الْأَمَةَ وَهُوَ يَجِدُ صَدَاقَ الْحُرَّةِ وَقَالَ عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ: لاَ يَحِلُّ نِكَاحُ الْإِمَاءِ الْيَوْمَ؛ لِأَنَّهُ يَجِدُ طَوْلاً إلَى الْحُرَّةِ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: فَإِنْ عَقَدَ نِكَاحَ حُرَّةٍ وَأَمَةٍ مَعًا قِيلَ: يَثْبُتُ نِكَاحُ الْحُرَّةِ وَيَنْفَسِخُ نِكَاحُ الْأَمَةِ وَقِيلَ: يَنْفَسِخَانِ مَعًا وَقَالَ فِي الْقَدِيمِ نِكَاحُ الْحُرَّةِ جَائِزٌ، وَكَذَلِكَ لَوْ تَزَوَّجَ مَعَهَا أُخْتَهُ مِنْ الرَّضَاعِ كَأَنَّهَا لَمْ تَكُنْ. قَالَ الْمُزَنِيّ رحمه الله: هَذَا أَقْيَسُ وَأَصَحُّ فِي أَصْلِ قَوْلِهِ؛ لِأَنَّ النِّكَاحَ يَقُومُ بِنَفْسِهِ وَلاَ يُفْسَدُ بِغَيْرِهِ فَهِيَ فِي مَعْنَى مَنْ تَزَوَّجَهَا وَقِسْطًا مَعَهَا مِنْ خَمْرٍ بِدِينَارٍ فَالنِّكَاحُ وَحْدَهُ ثَابِتٌ وَالْقِسْطُ الْخَمْرُ وَالْمَهْرُ فَاسِدَانِ، وَلَوْ تَزَوَّجَهَا ثُمَّ أَيْسَرَ لَمْ يُفْسِدْهُ مَا بَعْدَهُ وَحَاجَّنِي مَنْ لاَ يَفْسَخُ نِكَاحَ إمَاءِ غَيْرِ الْمُسْلِمَاتِ فَقَالَ كَمَا أَحَلَّ اللَّهُ بَيْنَهُمَا وَلاَ نَفَقَةَ لَهَا؛ لِأَنَّهَا مَانِعَةٌ لَهُ نَفْسَهَا بِالرِّدَّةِ، وَإِنْ ارْتَدَّتْ مِنْ نَصْرَانِيَّةٍ إلَى يَهُودِيَّةٍ أَوْ مِنْ يَهُودِيَّةٍ إلَى نَصْرَانِيَّةٍ لَمْ تَحْرُمْ تَعَالَى نِكَاحُ الْحُرَّةِ الْمُسْلِمَةِ دَلَّ عَلَى نِكَاحِ الْأَمَةِ قُلْت: قَدْ حَرَّمَ اللَّهُ تَعَالَى الْمَيْتَةَ وَاسْتَثْنَى إحْلاَلَهَا لِلْمُضْطَرِّ فَهَلْ تَحِلُّ لِغَيْرِ مُضْطَرٍّ وَاسْتَثْنَى مِنْ تَحْرِيمِ الْمُشْرِكَاتِ إحْلاَلَ حَرَائِرِ أَهْلِ الْكِتَابِ فَهَلْ يَجُوزُ حَرَائِرُ غَيْرُ أَهْلِ الْكِتَابِ فَلاَ تَحِلُّ إمَاؤُهُمْ وَإِمَاؤُهُمْ غَيْرُ حَرَائِرِهِمْ وَاشْتُرِطَ فِي إمَاءِ الْمُسْلِمِينَ فَلاَ يَجُوزُ لَهُ إلَّا بِالشَّرْطِ وَقُلْت لَهُ: لِمَ لاَ أَحْلَلْت الْأُمَّ كَالرَّبِيبَةِ وَحَرَّمْتهَا بِالدُّخُولِ كَالرَّبِيبَةِ؟ قَالَ لِأَنَّ الْأُمَّ مُبْهَمَةٌ وَالشَّرْطَ فِي الرَّبِيبَةِ قُلْت فَهَكَذَا قُلْنَا فِي التَّحْرِيمِ فِي الْمُشْرِكَاتِ وَالشَّرْطُ فِي التَّحْلِيلِ فِي الْحَرَائِرِ وَإِمَاءِ الْمُؤْمِنَاتِ. قَالَ وَالْعَبْدُ كَالْحُرِّ فِي أَنْ لاَ يَحِلَّ لَهُ نِكَاحُ أَمَةٍ كِتَابِيَّةٍ وَأَيُّ صِنْفٍ حَلَّ نِكَاحُ حَرَائِرِهِمْ حَلَّ وَطْءُ إمَائِهِمْ بِالْمِلْكِ وَمَا حَرُمَ نِكَاحُ حَرَائِرِهِمْ حَرُمَ وَطْءُ إمَائِهِمْ بِالْمِلْكِ وَلاَ أَكْرَهُ نِكَاحَ نِسَاءِ أَهْلِ الْحَرْبِ إلَّا لِئَلَّا يُفْتَنَ عَنْ دِينِهِ أَوْ يُسْتَرَقَّ وَلَدُهُ.
مِنْ الْجَامِعِ مِنْ كِتَابِ التَّعْرِيضِ بِالْخِطْبَةِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله كِتَابُ اللَّهِ تَعَالَى يَدُلُّ عَلَى أَنَّ التَّعْرِيضَ فِي الْعِدَّةِ جَائِزٌ بِمَا وَقَعَ عَلَيْهِ اسْمُ التَّعْرِيضِ وَقَدْ ذَكَرَ الْقَسَمُ بَعْضَهُ وَالتَّعْرِيضُ كَثِيرٌ وَهُوَ خِلاَفُ التَّصْرِيحِ وَهُوَ تَعْرِيضُ الرَّجُلِ لِلْمَرْأَةِ بِمَا يَدُلُّهَا بِهِ عَلَى إرَادَةِ خِطْبَتِهَا بِغَيْرِ تَصْرِيحٍ وَتُجِيبُهُ بِمِثْلِ ذَلِكَ وَالْقُرْآنُ كَالدَّلِيلِ إذْ أَبَاحَ التَّعْرِيضَ وَالتَّعْرِيضُ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ جَائِزٌ سِرًّا وَعَلاَنِيَةً عَلَى أَنَّ السِّرَّ الَّذِي نُهِيَ عَنْهُ هُوَ الْجِمَاعُ قَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ: أَلاَ زَعَمْت بَسْبَاسَةُ الْقَوْمِ أَنَّنِي كَبِرْت وَأَنْ لاَ يُحْسِنَ السِّرَّ أَمْثَالِي كَذَبْت لَقَدْ أَصْبَى عَنْ الْمَرْءِ عُرْسُهُ وَأَمْنَعُ عُرْسِي أَنْ يَزْنِيَ بِهَا الْخَالِي.
قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله أَخْبَرَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ {لاَ يَخْطُبُ أَحَدُكُمْ عَلَى خِطْبَةِ أَخِيهِ} {وَقَالَ عليه الصلاة والسلام لِفَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ إذَا حَلَلْت فَآذِنِينِي قَالَتْ: فَلَمَّا حَلَلْت أَخْبَرْته أَنَّ مُعَاوِيَةَ وَأَبَا جَهْمٍ خَطَبَانِي فَقَالَ أَمَّا مُعَاوِيَةُ فَصُعْلُوكٌ لاَ مَالَ لَهُ وَأَمَّا أَبُو جَهْمٍ فَلاَ يَضَعُ عَصَاهُ عَنْ عَاتِقِهِ انْكِحِي أُسَامَةَ} فَدَلَّتْ خِطْبَتُهُ عَلَى خِطْبَتِهِمَا أَنَّهَا خِلاَفُ الَّذِي نَهَى عَنْهُ أَنْ يَخْطُبَ عَلَى خِطْبَةِ أَخِيهِ إذَا كَانَتْ قَدْ أَذِنَتْ فِيهِ فَكَانَ هَذَا فَسَادًا عَلَيْهِ وَفِي الْفَسَادِ مَا يُشْبِهُ الْإِضْرَارَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، وَفَاطِمَةُ لَمْ تَكُنْ أَخْبَرَتْهُ أَنَّهَا أَذِنَتْ فِي أَحَدِهِمَا.
قَالَ الشَّافِعِيُّ: أَخْبَرَنَا الثِّقَةُ أَحْسَبُهُ إسْمَاعِيلَ بْنَ إبْرَاهِيم عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ {أَسْلَمَ غَيْلاَنُ بْنُ سَلَمَةَ وَعِنْدَهُ عَشْرُ نِسْوَةٍ فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: أَمْسِكْ أَرْبَعًا وَفَارِقْ سَائِرَهُنَّ} وَرُوِيَ {أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ لِرَجُلٍ يُقَالُ لَهُ الدَّيْلَمِيُّ أَوْ ابْنُ الدَّيْلَمِيِّ أَسْلَمَ وَعِنْدَهُ أُخْتَانِ اخْتَرْ أَيَّتَهمَا شِئْت وَفَارِقْ الْأُخْرَى} {وَقَالَ لِنَوْفَلِ بْنِ مُعَاوِيَةَ وَعِنْدَهُ خَمْسٌ فَارِقْ وَاحِدَةً وَأَمْسِكْ أَرْبَعًا} قَالَ فَعَمَدْت إلَى أَقْدَمِهِنَّ فَفَارَقْتهَا. قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله بِهَذَا أَقُولُ وَلاَ أُبَالِي أَكُنَّ فِي عُقْدَةٍ وَاحِدَةٍ أَوْ فِي عُقَدٍ مُتَفَرِّقَةٍ إذَا كَانَ مَنْ يَمْسِكُ مِنْهُنَّ يَجُوزُ أَنْ يَبْتَدِئَ نِكَاحَهَا فِي الْإِسْلاَمِ مَا لَمْ تَنْقَضِ الْعِدَّةُ قَبْلَ اجْتِمَاعِ إسْلاَمِهِمَا؛ لِأَنَّ أَبَا سُفْيَانَ وَحَكِيمَ بْنَ حِزَامٍ أَسْلَمَا قَبْلُ ثُمَّ أَسْلَمَتْ امْرَأَتَاهُمَا فَاسْتَقَرَّتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا عِنْدَ زَوْجِهَا بِالنِّكَاحِ الْأَوَّلِ، وَأَسْلَمَتْ امْرَأَةُ صَفْوَانَ وَامْرَأَةُ عِكْرِمَةَ ثُمَّ أَسْلَمَا فَاسْتَقَرَّتَا بِالنِّكَاحِ الْأَوَّلِ وَذَلِكَ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: فَإِنْ أَسْلَمَ وَقَدْ نَكَحَ أُمًّا وَابْنَتَهَا مَعًا فَدَخَلَ بِهِمَا لَمْ تَحِلَّ لَهُ وَاحِدَةٌ مِنْهُمَا أَبَدًا، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ دَخَلَ بِهِمَا قُلْنَا: أَمْسِكْ أَيَّتَهمَا شِئْت وَفَارِقْ الْأُخْرَى، وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: يُمْسِكُ الِابْنَةَ وَيُفَارِقُ الْأُمَّ. قَالَ الْمُزَنِيّ هَذَا أَوْلَى بِقَوْلِهِ عِنْدِي وَكَذَا قَالَ فِي كِتَابِ التَّعْرِيضِ بِالْخِطْبَةِ وَقَالَ أَوَّلاً كَانَتْ الْأُمُّ أَوْ آخِرًا. قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَلَوْ أَسْلَمَ وَعِنْدَهُ أَرْبَعُ زَوْجَاتٍ إمَاءٍ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُعْسِرًا يَخَافُ الْعَنَتَ أَوْ فِيهِنَّ حُرَّةٌ انْفَسَخَ نِكَاحُ الْإِمَاءِ، وَإِنْ كَانَ لاَ يَجِدُ مَا يَتَزَوَّجُ بِهِ حُرَّةً وَيَخَافُ الْعَنَتَ وَلاَ حُرَّةَ فِيهِنَّ اخْتَارَ وَاحِدَةً وَانْفَسَخَ نِكَاحُ الْبَوَاقِي، وَلَوْ أَسْلَمَ بَعْضُهُنَّ بَعْدَهُ فَسَوَاءٌ وَيَنْتَظِرُ إسْلاَمَ الْبَوَاقِي فَمَنْ اجْتَمَعَ إسْلاَمُهُ وَإِسْلاَمُ الزَّوْجِ قَبْلَ مُضِيِّ الْعِدَّةِ كَانَ لَهُ الْخِيَارُ فِيهِنَّ، وَلَوْ أَسْلَمَ الْإِمَاءُ مَعَهُ وَعَتَقْنَ وَتَخَلَّفَتْ حُرَّةٌ وُقِفَ نِكَاحُ الْإِمَاءِ فَإِنْ أَسْلَمَتْ الْحُرَّةُ انْفَسَخَ نِكَاحُ الْإِمَاءِ، وَلَوْ اخْتَارَ مِنْهُنَّ وَاحِدَةً وَلَمْ تُسْلِمْ الْحُرَّةُ ثَبَتَتْ، وَلَوْ عَتَقْنَ قَبْلَ أَنْ يُسْلِمْنَ كُنَّ كَمَنْ اُبْتُدِئَ نِكَاحُهُ وَهُنَّ حَرَائِرُ. قَالَ وَلَوْ كَانَ عَبْدٌ عِنْدَهُ إمَاءٌ وَحَرَائِرُ مُسْلِمَاتٌ أَوْ كِتَابِيَّاتٌ وَلَمْ يَخْتَرْنَ فِرَاقَهُ أَمْسَكَ اثْنَتَيْنِ، وَلَوْ عَتَقْنَ قَبْلَ إسْلاَمِهِ فَاخْتَرْنَ فِرَاقَهُ كَانَ ذَلِكَ لَهُنَّ؛ لِأَنَّهُ لَهُنَّ بَعْدَ إسْلاَمِهِ وَعَدَدُهُنَّ عَدَدُ الْحَرَائِرِ فَيُحْصَيْنَ مِنْ حِينِ اخْتَرْنَ فِرَاقَهُ فَإِنْ اجْتَمَعَ إسْلاَمُهُ وَإِسْلاَمُهُنَّ فِي الْعِدَّةِ فَعَدَدُهُنَّ عَدَدُ حَرَائِرَ مِنْ يَوْمِ اخْتَرْنَ فِرَاقَهُ وَإِلَّا فَعَدَدُهُنَّ عَدَدُ حَرَائِرَ مِنْ يَوْمِ أَسْلَمَ مُتَقَدِّمُ الْإِسْلاَمِ مِنْهُمَا؛ لِأَنَّ الْفَسْخَ مِنْ يَوْمِئِذٍ، وَإِنْ لَمْ يَخْتَرْنَ فِرَاقَهُ وَلاَ الْمُقَامَ مَعَهُ خُيِّرْنَ إذَا اجْتَمَعَ إسْلاَمُهُ وَإِسْلاَمُهُنَّ مَعًا، وَإِنْ لَمْ يَتَقَدَّمْ إسْلاَمُهُنَّ قَبْلَ إسْلاَمِهِ فَاخْتَرْنَ فِرَاقَهُ أَوْ الْمُقَامَ مَعَهُ ثُمَّ أَسْلَمْنَ خُيِّرْنَ حِينَ يُسْلِمْنَ؛ لِأَنَّهُنَّ اخْتَرْنَ وَلاَ خِيَارَ لَهُنَّ، وَلَوْ اجْتَمَعَ إسْلاَمُهُنَّ وَإِسْلاَمُهُ وَهُنَّ إمَاءٌ ثُمَّ أُعْتِقْنَ مِنْ سَاعَتِهِنَّ ثُمَّ اخْتَرْنَ فِرَاقَهُ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ لَهُنَّ إذَا أَتَى عَلَيْهِنَّ أَقَلُّ أَوْقَاتِ الدُّنْيَا وَإِسْلاَمُهُنَّ وَإِسْلاَمُهُ مُجْتَمِعٌ وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ عِتْقُهُ وَهُنَّ مَعًا. قَالَ الْمُزَنِيّ رحمه الله لَيْسَ هَذَا عِنْدِي بِشَيْءٍ قَدْ قَطَعَ فِي كِتَابَيْنِ بِأَنَّ لَهَا الْخِيَارَ لَوْ أَصَابَهَا فَادَّعَتْ الْجَهَالَةَ، وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: إنَّ عَلَى السُّلْطَانِ أَنْ يُؤَجِّلَهَا أَكْثَرَ مُقَامِهَا فَكَمْ يَمُرُّ بِهَا مِنْ أَوْقَاتِ الدُّنْيَا مِنْ حِينِ أُعْتِقَتْ إلَى أَنْ جَاءَتْ إلَى السُّلْطَانِ وَقَدْ يَبْعُدُ ذَلِكَ وَيَقْرَبُ إلَى أَنْ يَفْهَمَ عَنْهَا مَا تَقُولُ ثُمَّ إلَى انْقِضَاءِ أَجَلِ مُقَامِهَا ذَلِكَ عَلَى قَدْرِ مَا يَرَى فَكَيْفَ يَبْطُلُ خِيَارُ إمَاءٍ يُعْتَقْنَ إذَا أَتَى عَلَيْهِنَّ أَقَلُّ أَوْقَاتِ الدُّنْيَا وَإِسْلاَمُهُنَّ وَإِسْلاَمُ الزَّوْجِ مُجْتَمِعٌ. قَالَ الْمُزَنِيّ: وَلَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَمَا قَدَرْنَ إذَا أُعْتِقْنَ تَحْتَ عَبْدٍ أَنْ يَخْتَرْنَ بِحَالٍ؛ لِأَنَّهُنَّ لاَ يَقْدِرْنَ يَخْتَرْنَ إلَّا بِحُرُوفٍ وَكُلُّ حَرْفٍ مِنْهَا فِي وَقْتٍ غَيْرِ وَقْتِ الْآخَرِ وَفِي ذَلِكَ إبْطَالُ الْخِيَارِ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَلَوْ اجْتَمَعَ إسْلاَمُهُ وَإِسْلاَمُ حُرَّتَيْنِ فِي الْعِدَّةِ ثُمَّ عَتَقَ ثُمَّ أَسْلَمَتْ اثْنَتَانِ فِي الْعِدَّةِ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يُمْسِكَ إلَّا اثْنَتَيْنِ مِنْ أَيِّ الْأَرْبَعِ شَاءَ لاَ يَثْبُتُ لَهُ بِعَقْدِ الْعُبُودِيَّةِ إلَّا اثْنَتَانِ وَيَنْكِحُ تَمَامَ أَرْبَعٍ إنْ شَاءَ، وَلَوْ أَسْلَمَ وَأَسْلَمَ مَعَهُ أَرْبَعٌ فَقَالَ: قَدْ فَسَخْت نِكَاحَهُنَّ سُئِلَ فَإِنْ أَرَادَ طَلاَقًا فَهُوَ مَا أَرَادَ، وَإِنْ أَرَادَ حِلَّهُ بِلاَ طَلاَقٍ لَمْ يَكُنْ طَلاَقًا وَأُحْلِفَ، وَلَوْ كُنَّ خَمْسًا فَأَسْلَمَتْ وَاحِدَةٌ فِي الْعُقْدَةِ فَقَالَ: قَدْ اخْتَرْت حَبْسَهَا حَتَّى قَالَ ذَلِكَ لِأَرْبَعٍ ثَبَتَ نِكَاحُهُنَّ بِاخْتِيَارِهِ وَانْفَسَخَ نِكَاحُ الْبَوَاقِي، وَلَوْ قَالَ: كُلَّمَا أَسْلَمَتْ وَاحِدَةٌ مِنْكُنَّ فَقَدْ اخْتَرْت فَسْخَ نِكَاحِهَا لَمْ يَكُنْ هَذَا شَيْئًا إلَّا أَنْ يُرِيدَ طَلاَقًا فَإِنْ اخْتَارَ إمْسَاكَ أَرْبَعٍ فَقَدْ انْفَسَخَ نِكَاحُ مَنْ زَادَ عَلَيْهِنَّ. قَالَ الْمُزَنِيّ رحمه الله الْقِيَاسُ عِنْدِي عَلَى قَوْلِهِ أَنَّهُ إذَا أَسْلَمَ وَعِنْدَهُ أَكْثَرُ مِنْ أَرْبَعٍ وَأَسْلَمْنَ مَعَهُ فَقَذَفَ وَاحِدَةً مِنْهُنَّ أَوْ ظَاهَرَ أَوْ آلَى كَانَ ذَلِكَ مَوْقُوفًا فَإِنْ اخْتَارَهَا كَانَ عَلَيْهِ فِيهَا مَا عَلَيْهِ فِي الزَّوْجَاتِ، وَإِنْ فَسَخَ نِكَاحَهَا سَقَطَ عَنْهُ الظِّهَارُ وَالْإِيلاَءُ وَجُلِدَ بِقَذْفِهَا. قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله: وَلَوْ أَسْلَمْنَ مَعَهُ فَقَالَ: لاَ أَخْتَارُ حُبِسَ حَتَّى يَخْتَارَ وَأَنْفَقَ عَلَيْهِنَّ مِنْ مَالِهِ؛ لِأَنَّهُ مَانِعٌ لَهُنَّ بِعَقْدٍ مُتَقَدِّمٍ وَلاَ يُطَلِّقُ عَلَيْهِ السُّلْطَانُ كَمَا يُطَلِّقُ عَلَى الْمَوْلَى فَإِنْ امْتَنَعَ مَعَ الْحَبْسِ عُزِّرَ وَحُبِسَ حَتَّى يَخْتَارَ، وَإِنْ مَاتَ أَمَرْنَاهُنَّ أَنْ يَعْتَدِدْنَ الْآخَرَ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَعَشْرٍ أَوْ مِنْ ثَلاَثِ حِيَضٍ وَيُوقَفُ لَهُنَّ الْمِيرَاثُ حَتَّى يَصْطَلِحْنَ فِيهِ، وَلَوْ أَسْلَمَ وَعِنْدَهُ وَثَنِيَّةٌ ثُمَّ تَزَوَّجَ أُخْتَهَا أَوْ أَرْبَعًا سِوَاهَا فِي عِدَّتِهَا فَالنِّكَاحُ مَفْسُوخٌ. قَالَ الْمُزَنِيّ أَشْبَهَ بِقَوْلِهِ: إنَّ النِّكَاحَ مَوْقُوفٌ كَمَا جَعَلَ نِكَاحَ مَنْ لَمْ تُسْلِمْ مَوْقُوفًا فَإِنْ أَسْلَمَتْ فِي الْعِدَّةِ عَلِمَ أَنَّهَا لَمْ تَزَلْ امْرَأَتَهُ، وَإِنْ انْقَضَتْ قَبْلَ أَنْ تُسْلِمَ عَلِمَ أَنَّهُ لاَ امْرَأَةَ لَهُ فَيَصِحُّ نِكَاحُ الْأَرْبَعِ؛ لِأَنَّهُ عَقَدَهُنَّ وَلاَ امْرَأَةَ لَهُ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَلَوْ أَسْلَمَتْ قَبْلَهُ ثُمَّ أَسْلَمَ فِي الْعِدَّةِ أَوْ لَمْ يُسْلِمْ حَتَّى انْقَضَتْ فَلَهَا نَفَقَةُ الْعِدَّةِ فِي الْوَجْهَيْنِ جَمِيعًا؛ لِأَنَّهَا مَحْبُوسَةٌ عَلَيْهِ مَتَى شَاءَ أَنْ يُسْلِمَ كَانَا عَلَى النِّكَاحِ، وَلَوْ كَانَ هُوَ الْمُسْلِمُ لَمْ يَكُنْ لَهَا نَفَقَةٌ فِي أَيَّامِ كُفْرِهَا؛ لِأَنَّهَا الْمَانِعَةُ لِنَفْسِهَا مِنْهُ، وَلَوْ اخْتَلَفَا فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ، وَلَوْ أَسْلَمَ قَبْلَ الدُّخُولِ فَلَهَا نِصْفُ الْمَهْرِ إنْ كَانَ حَلاَلاً وَنِصْفُ مَهْرِ مِثْلِهَا إنْ كَانَ حَرَامًا وَمُتْعَةً إنْ لَمْ يَكُنْ فَرَضَ لَهَا؛ لِأَنَّ فَسْخَ النِّكَاحِ مِنْ قِبَلِهِ، وَإِنْ كَانَتْ هِيَ أَسْلَمَتْ قَبْلَهُ فَلاَ شَيْءَ لَهَا مِنْ صَدَاقٍ وَلاَ غَيْرِهِ؛ لِأَنَّ الْفَسْخَ مِنْ قِبَلِهَا. قَالَ: وَلَوْ أَسْلَمَا مَعًا فَهُمَا عَلَى النِّكَاحِ، وَإِنْ قَالَ: أَسْلَمَ أَحَدُنَا قَبْلَ صَاحِبِهِ فَالنِّكَاحُ مَفْسُوخٌ وَلاَ نِصْفَ مَهْرٍ حَتَّى يُعْلَمَ فَإِنْ تَدَاعَيَا فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا مَعَ يَمِينِهَا؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ ثَابِتٌ فَلاَ يَبْطُلُ نِصْفُ الْمَهْرِ إلَّا بِأَنْ تُسْلِمَ قَبْلَهُ، وَإِنْ قَالَتْ: أَسْلَمَ أَحَدُنَا قَبْلَ الْآخَرِ وَقَالَ هُوَ مَعًا فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ وَلاَ تُصَدِّقُ عَلَى فَسْخِ النِّكَاحِ وَفِيهَا قَوْلٌ آخَرُ أَنَّ النِّكَاحَ مَفْسُوخٌ حَتَّى يَتَصَادَقَا. قَالَ الْمُزَنِيّ أَشْبَهَ بِقَوْلِهِ أَنْ لاَ يَنْفَسِخَ النِّكَاحُ بِقَوْلِهَا كَمَا لَمْ يَنْفَسِخْ نِصْفُ الْمَهْرِ بِقَوْلِهِ. قَالَ الْمُزَنِيّ وَقَدْ قَالَ: لَوْ كَانَ دَخَلَ بِهَا فَقَالَتْ: انْقَضَتْ عِدَّتِي قَبْلَ إسْلاَمِك وَقَالَ: بَلْ بَعْدُ فَلاَ تُصَدِّقُ عَلَى فَسْخِ مَا ثَبَتَ لَهُ مِنْ النِّكَاحِ. قَالَ: وَلَوْ كَانَتْ عِنْدَهُ امْرَأَةٌ نَكَحَهَا فِي الشِّرْكِ بِمُتْعَةٍ أَوْ عَلَى خِيَارٍ انْفَسَخَ نِكَاحُهَا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَنْكِحْهَا عَلَى الْأَبَدِ.
قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله وَاحْتَجَجْت عَلَى مَنْ يُبْطِلُ الْأَوَاخِرَ {بِقَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لِابْنِ الدَّيْلَمِيِّ وَعِنْدَهُ أُخْتَانِ اخْتَرْ أَيَّتَهمَا شِئْتَ وَفَارِقْ الْأُخْرَى} وَبِمَا قَالَ لِنَوْفَلِ بْنِ مُعَاوِيَةَ وَتَخْيِيرِهِ غَيْلاَنُ فَلَوْ كَانَ الْأَوَاخِرُ حَرَامًا مَا خَيَّرَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَقُلْتَ لَهُ أَحْسَنُ حَالَةً أَنْ يَعْقِدُوهُ بِشَهَادَةِ أَهْلِ الْأَوْثَانِ قُلْت: وَيُرْوَى أَنَّهُمْ كَانُوا يَنْكِحُونَ فِي الْعِدَّةِ وَبِغَيْرِ شُهُودٍ قَالَ: أَجَلْ، قُلْت: وَهَذَا كُلُّهُ فَاسِدٌ فِي الْإِسْلاَمِ قَالَ: أَجَلْ قُلْت: فَلَمَّا لَمْ يَسْأَلْ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَنْ الْعَقْدِ كَانَ عَفْوًا لِفَوْتِهِ كَمَا حَكَمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ صلى الله عليه وسلم؟ بِعَفْوِ الرِّبَا إذَا فَاتَ بِقَبْضِهِ وَرَدَّ مَا بَقِيَ؛ لِأَنَّ الْإِسْلاَمَ أَدْرَكَهُ كَمَا رَدَّ مَا جَاوَزَ أَرْبَعًا؛ لِأَنَّ الْإِسْلاَمَ أَدْرَكَهُنَّ مَعَهُ وَالْعُقَدُ كُلُّهَا لَوْ ابْتَدَأَتْ فِي الْإِسْلاَمِ فَاسِدَةً فَكَيْفَ نَظَرْت إلَى فَسَادِهَا مَرَّةً وَلَمْ تَنْظُرْ أُخْرَى فَرَجَعَ بَعْضُ أَصْحَابِهِمْ، وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ: مَا عَلِمْتُ أَحَدًا احْتَجَّ بِأَحْسَنَ مِمَّا احْتَجَجْتَ بِهِ وَلَقَدْ خَالَفْتُ أَصْحَابِي فِيهِ مُنْذُ زَمَانٍ وَمَا يَنْبَغِي أَنْ يَدْخُلَ عَلَى حَدِيثِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم الْقِيَاسُ.
مِنْ كِتَابِ جَامِعِ الْخُطْبَةِ وَمِنْ كِتَابِ الْمُرْتَدِّ وَمِنْ كِتَابِ مَا يَحْرُمُ الْجَمْعُ بَيْنَهُ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله وَإِذَا ارْتَدَّا أَوْ أَحَدُهُمَا مُنِعَا الْوَطْءَ فَإِنْ انْقَضَتْ الْعِدَّةُ قَبْلَ اجْتِمَاعِ إسْلاَمِهِمَا انْفَسَخَ النِّكَاحُ وَلَهَا مَهْرُ مِثْلِهَا إنْ أَصَابَهَا فِي الرِّدَّةِ، فَإِنْ اجْتَمَعَ إسْلاَمُهُمَا قَبْلَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ فَهُمَا عَلَى النِّكَاحِ، وَلَوْ هَرَبَ مُرْتَدًّا ثُمَّ رَجَعَ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ مُسْلِمًا وَادَّعَى أَنَّهُ أَسْلَمَ قَبْلَهَا فَأَنْكَرَتْ فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا مَعَ يَمِينِهَا. قَالَ: وَلَوْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا فَارْتَدَّتْ فَلاَ مَهْرَ لَهَا؛ لِأَنَّ الْفَسْخَ مِنْ قِبَلِهَا، وَإِنْ ارْتَدَّ فَلَهَا نِصْفُ الْمَهْرِ؛ لِأَنَّ الْفَسْخَ مِنْ قِبَلِهِ، وَلَوْ كَانَتْ تَحْتَهُ نَصْرَانِيَّةٌ فَتَمَجَّسَتْ أَوْ تَزَنْدَقَتْ فَكَالْمُسْلِمَةِ تُرِيدُ. وَقَالَ فِي كِتَابِ الْمُرْتَدِّ حَتَّى تَرْجِعَ إلَى الَّذِي حَلَّتْ بِهِ مِنْ يَهُودِيَّةٍ أَوْ نَصْرَانِيَّةٍ، وَمَنْ دَانَ دِينَ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى مِنْ الْعَرَبِ أَوْ الْعَجَمِ غَيْرَ بَنِي إسْرَائِيلَ فِي فَسْخِ النِّكَاحِ وَمَا يَحْرُمُ مِنْهُ أَوْ يَحِلُّ كَأَهْلِ الْأَوْثَانِ وَقَالَ فِي كِتَابِ مَا يَحْرُمُ الْجَمْعُ بَيْنَهُ مَنْ ارْتَدَّ مِنْ يَهُودِيَّةٍ إلَى نَصْرَانِيَّةٍ أَوْ نَصْرَانِيَّةٍ إلَى يَهُودِيَّةٍ حَلَّ نِكَاحُهَا؛ لِأَنَّهَا لَوْ كَانَتْ مِنْ أَهْلِ الدِّينِ الَّذِي خَرَجَتْ إلَيْهِ حَلَّ نِكَاحُهَا وَقَالَ فِي كِتَابِ الْجِزْيَةِ لاَ يُنْكَحُ مَنْ ارْتَدَّ عَنْ أَصْلِ دِينِ آبَائِهِ؛ لِأَنَّهُمْ بَدَّلُوا بِغَيْرِهِ الْإِسْلاَمَ فَخَالَفُوا حَالَهُمْ عَمَّا أُذِنَ بِأَخْذِ الْجِزْيَةِ مِنْهُمْ عَلَيْهِ وَأُبِيحَ مِنْ طَعَامِهِمْ وَنِسَائِهِمْ.
قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله: وَإِذْ أَثْبَتَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نِكَاحَ الشِّرْكِ وَأَقَرَّ أَهْلَهُ عَلَيْهِ فِي الْإِسْلاَمِ لَمْ يَجُزْ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ إلَّا أَنْ يَثْبُتَ طَلاَقُ الشِّرْكِ؛ لِأَنَّ الطَّلاَقَ يَثْبُتُ بِثُبُوتِ النِّكَاحِ وَيَسْقُطُ بِسُقُوطِهِ فَإِنْ أَسْلَمَا وَقَدْ طَلَّقَهَا فِي الشِّرْكِ ثَلاَثًا لَمْ تَحِلَّ لَهُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ، وَلَوْ تَزَوَّجَهَا غَيْرُهُ فِي الشِّرْكِ حَلَّتْ لَهُ وَلِمُسْلِمٍ لَوْ طَلَّقَهَا ثَلاَثًا.
مِنْ الْجَامِعِ مِنْ ثَلاَثَةِ كُتُبٍ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله وَعُقْدَةُ نِكَاحِ أَهْلِ الذِّمَّةِ وَمُهُورِهِمْ كَأَهْلِ الْحَرْبِ فَإِنْ نَكَحَ نَصْرَانِيٌّ وَثَنِيَّةً أَوْ مَجُوسِيَّةً أَوْ نَكَحَ وَثَنِيٌّ نَصْرَانِيَّةً أَوْ مَجُوسِيَّةً لَمْ أَفْسَخْ مِنْهُ شَيْئًا إذَا أَسْلَمُوا. قَالَ وَلاَ تَحِلُّ ذَبِيحَةُ مَنْ وُلِدَ مِنْ وَثَنِيٍّ وَنَصْرَانِيَّةٍ وَلاَ مِنْ نَصْرَانِيٍّ وَوَثَنِيَّةٍ وَلاَ يَحِلُّ نِكَاحُ ابْنَتِهِمَا؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ كِتَابِيَّةً خَالِصَةً وَقَالَ وَفِي كِتَابٍ آخَرَ إنْ كَانَ أَبُوهَا نَصْرَانِيًّا حَلَّتْ، وَإِنْ كَانَ وَثَنِيًّا لَمْ تَحِلَّ؛ لِأَنَّهَا تَرْجِعُ إلَى النَّسَبِ وَلَيْسَتْ كَالصَّغِيرَةِ يُسْلِمُ أَحَدُ أَبَوَيْهَا؛ لِأَنَّ الْإِسْلاَمَ لاَ يُشْرِكُهُ الشِّرْكُ وَالشِّرْكُ يُشْرِكُهُ الشِّرْكُ. قَالَ وَلَوْ تَحَاكَمُوا إلَيْنَا وَجَبَ أَنْ نَحْكُمَ بَيْنَهُمْ كَانَ الزَّوْجُ الْجَانِيَ أَوْ الزَّوْجَةُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ حُكْمٌ مَضَى لَمْ نُزَوِّجْهُمْ إلَّا بِوَلِيٍّ وَشُهُودٍ مُسْلِمِينَ فَلَوْ لَمْ يَكُنْ لَهَا قَرِيبٌ زَوَّجَهَا الْحَاكِمُ؛ لِأَنَّ تَزْوِيجَهُ حُكْمٌ عَلَيْهَا فَإِذَا تَحَاكَمُوا إلَيْنَا بَعْدَ النِّكَاحِ فَإِنْ كَانَ مِمَّا يَجُوزُ ابْتِدَاؤُهُ فِي الْإِسْلاَمِ أَجَزْنَاهُ؛ لِأَنَّ عَقْدَهُ قَدْ مَضَى فِي الشِّرْكِ وَكَذَلِكَ مَا قَبَضَتْ مِنْ مَهْرٍ حَرَامٍ، وَلَوْ قَبَضَتْ نِصْفَهُ فِي الشِّرْكِ حَرَامًا ثُمَّ أَسْلَمَا فَعَلَيْهِ نِصْفُ مَهْرِ مِثْلِهَا وَالنَّصْرَانِيُّ فِي إنْكَاحِ ابْنَتِهِ وَابْنِهِ الصَّغِيرَيْنِ كَالْمُسْلِمِ.
مِنْ هَذَا وَمِنْ كِتَابِ عِشْرَةِ النِّسَاءِ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله أَمَرَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى بِاعْتِزَالِ الْحُيَّضِ فَاسْتَدْلَلْنَا بِالسُّنَّةِ عَلَى مَا أَرَادَ فَقُلْنَا: تَشُدُّ إزَارَهَا عَلَى أَسْفَلِهَا وَيُبَاشِرُهَا فَوْقَ إزَارِهَا حَتَّى يَطْهُرْنَ حَتَّى يَنْقَطِعَ الدَّمُ وَتَرَى الطُّهْرَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ يَعْنِي- وَاَللَّهُ أَعْلَمُ- الطَّهَارَةَ الَّتِي تَحِلُّ بِهَا الصَّلاَةُ الْغُسْلُ أَوْ التَّيَمُّمُ. قَالَ وَفِي تَحْرِيمِهَا لِأَذَى الْمَحِيضِ كَالدَّلاَلَةِ عَلَى تَحْرِيمِ الدُّبُرِ؛ لِأَنَّ أَذَاهُ لاَ يَنْقَطِعُ، وَإِنْ وَطِئَ فِي الدَّمِ اسْتَغْفَرَ اللَّهَ تَعَالَى وَلاَ يَعُودُ، وَإِنْ كَانَ لَهُ إمَاءٌ فَلاَ بَأْسَ أَنْ يَأْتِيَهُنَّ مَعًا قَبْلَ أَنْ يَغْتَسِلَ، وَلَوْ تَوَضَّأَ كَانَ أَحَبَّ إلَيَّ وَأُحِبُّ لَوْ غَسَلَ فَرْجَهُ قَبْلَ إتْيَانِ الَّتِي بَعْدَهَا، وَلَوْ كُنَّ حَرَائِرَ فَحَلَلْنَهُ فَكَذَلِكَ.
مِنْ أَحْكَامِ الْقُرْآنِ وَمِنْ كِتَابِ عِشْرَةِ النِّسَاءِ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله: ذَهَبَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا فِي إتْيَانِ النِّسَاءِ فِي أَدْبَارِهِنَّ إلَى إحْلاَلِهِ وَآخَرُونَ إلَى تَحْرِيمِهِ، وَرُوِيَ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ مِنْ حَدِيثِ ثَابِتٍ أَنَّ الْيَهُودَ كَانَتْ تَقُولُ: مَنْ أَتَى امْرَأَتَهُ فِي قُبُلِهَا مِنْ دُبُرِهَا جَاءَ وَلَدُهُ أَحْوَلَ؛ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ} وَرُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: {أَنَّ رَجُلاً سَأَلَهُ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِي أَيِّ الْخُرْبَتَيْنِ أَوْ فِي أَيِّ الْخُرْزَتَيْنِ أَوْ فِي أَيِّ الْخُصْفَتَيْنِ أَمِنْ دُبُرِهَا فِي قُبُلِهَا فَنَعَمْ أَمْ مِنْ دُبُرِهَا فِي دُبُرِهَا فَلاَ إنَّ اللَّهَ لاَ يَسْتَحْيِ مِنْ الْحَقِّ لاَ تَأْتُوا النِّسَاءَ فِي أَدْبَارِهِنَّ}. قَالَ الشَّافِعِيُّ: فَلَسْت أُرَخِّصُ فِيهِ بَلْ أَنْهَى عَنْهُ فَأَمَّا التَّلَذُّذُ بِغَيْرِ إيلاَجٍ بَيْنَ الْأَلْيَتَيْنِ فَلاَ بَأْسَ، وَإِنْ أَصَابَهَا فِي الدُّبُرِ لَمْ يُحْصِنْهَا وَيَنْهَاهُ الْإِمَامُ فَإِنْ عَادَ عَزَّرَهُ فَإِنْ كَانَ فِي زِنًا حَدَّهُ، وَإِنْ كَانَ غَاصِبًا أَغْرَمَهُ الْمَهْرَ وَأَفْسَدَ حَجَّهُ.
قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله وَإِذَا أَنْكَحَ الرَّجُلُ ابْنَتَهُ أَوْ الْمَرْأَةَ تَلِي أَمْرَهَا الرَّجُلَ عَلَى أَنْ يُنْكِحَهُ الرَّجُلُ ابْنَتَهُ أَوْ الْمَرْأَةَ تَلِي أَمْرَهَا عَلَى أَنَّ صَدَاقَ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا بُضْعُ الْأُخْرَى وَلَمْ يُسَمِّ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا صَدَاقًا فَهَذَا الشِّغَارُ الَّذِي نَهَى عَنْهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ مَفْسُوخٌ، وَلَوْ سَمَّى لَهُمَا أَوْ لِأَحَدِهِمَا صَدَاقًا فَلَيْسَ بِالشِّغَارِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ وَالنِّكَاحُ ثَابِتٌ وَالْمَهْرُ فَاسِدٌ وَلِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا مَهْرُ مِثْلِهَا وَنِصْفُ مَهْرٍ إنْ طَلُقَتْ قَبْلَ الدُّخُولِ فَإِنْ قِيلَ: فَقَدْ ثَبَتَ النِّكَاحُ بِلاَ مَهْرٍ قِيلَ: لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَجَازَهُ فِي كِتَابِهِ فَأَجَزْنَاهُ وَالنِّسَاءُ مُحَرَّمَاتُ الْفُرُوجِ إلَّا بِمَا أَحَلَّهُنَّ اللَّهُ بِهِ فَلَمَّا نَهَى عليه الصلاة والسلام عَنْ نِكَاحِ الشِّغَارِ لَمْ أُحِلَّ مُحَرَّمًا بِمُحَرَّمٍ وَبِهَذَا قُلْنَا فِي نِكَاحِ الْمُتْعَةِ وَالْمُحَرَّمِ. قَالَ وَقُلْت لِبَعْضِ النَّاسِ: أَجَزْت نِكَاحَ الشِّغَارِ وَلَمْ يُخْتَلَفْ فِيهِ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَرَدَدْت نِكَاحَ الْمُتْعَةِ وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِيهَا عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَهَذَا تَحَكُّمٌ أَرَأَيْت إنْ عُورِضْت فَقِيلَ لَك {نَهَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَنْ تُنْكَحَ الْمَرْأَةُ عَلَى خَالَتِهَا أَوْ عَلَى عَمَّتِهَا} وَهَذَا اخْتِيَارٌ فَأُجِزْهُ فَقَالَ: لاَ يَجُوزُ؛ لِأَنَّ عَقْدَهُ مَنْهِيٌّ عَنْهُ قِيلَ: وَكَذَلِكَ عَقْدُ الشِّغَارِ مَنْهِيٌّ عَنْهُ. قَالَ الْمُزَنِيّ رحمه الله مَعْنَى قَوْلِ الشَّافِعِيِّ نَهَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَنْ الشِّغَارِ إنَّمَا نَهَى عَنْ النِّكَاحِ نَفْسِهِ لاَ عَنْ الصَّدَاقِ، وَلَوْ كَانَ عَنْ الصَّدَاقِ لَكَانَ النِّكَاحُ ثَابِتًا وَلَهَا مَهْرُ مِثْلِهَا.
مِنْ الْجَامِعِ مِنْ كِتَابِ النِّكَاحِ وَالطَّلاَقِ وَمِنْ الْإِمْلاَءِ عَلَى مَسَائِلِ مَالِكٍ وَمِنْ اخْتِلاَفِ الْحَدِيثِ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله تعالى أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ وَالْحَسَنِ ابْنَيْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ أَبِيهِمَا عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه {أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم نَهَى يَوْمَ خَيْبَرَ عَنْ نِكَاحِ الْمُتْعَةِ وَأَكْلِ لُحُومِ الْحُمُرِ الْأَهْلِيَّةِ}. قَالَ وَإِنْ كَانَ حَدِيثُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ عُمَرَ عَنْ الرَّبِيعِ بْنِ سَبْرَةَ ثَابِتًا فَهُوَ مُبَيِّنٌ {أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَحَلَّ نِكَاحَ الْمُتْعَةِ ثُمَّ قَالَ هِيَ حَرَامٌ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ}. قَالَ وَفِي الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ دَلِيلٌ عَلَى تَحْرِيمِ الْمُتْعَةِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {إذَا نَكَحْتُمْ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ} فَلَمْ يُحَرِّمْهُنَّ اللَّهُ عَلَى الْأَزْوَاجِ إلَّا بِالطَّلاَقِ وَقَالَ تَعَالَى {فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ} وَقَالَ تَعَالَى {, وَإِنْ أَرَدْتُمْ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَكَانَ زَوْجٍ} فَجَعَلَ إلَى الْأَزْوَاجِ فُرْقَةَ مَنْ عَقَدُوا عَلَيْهِ النِّكَاحَ مَعَ أَحْكَامِ مَا بَيْنَ الْأَزْوَاجِ فَكَانَ بَيِّنًا- وَاَللَّهُ أَعْلَمُ- أَنَّ نِكَاحَ الْمُتْعَةِ مَنْسُوخٌ بِالْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ؛ لِأَنَّهُ إلَى مُدَّةٍ ثُمَّ نَجِدُهُ يَنْفَسِخُ بِلاَ إحْدَاثِ طَلاَقٍ فِيهِ وَلاَ فِيهِ أَحْكَامُ الْأَزْوَاجِ.
قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله تعالى أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ نُبَيْهِ بْنِ وَهْبٍ عَنْ أَبَانَ بْنِ عُثْمَانَ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ {لاَ يَنْكِحُ الْمُحْرِمُ وَلاَ يُنْكَحُ} وَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ رَوَيْنَا أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم نَكَحَ مَيْمُونَةَ رضي الله عنها وَهُوَ مُحْرِمٌ قُلْت: رِوَايَةُ عُثْمَانَ ثَابِتَةٌ وَيَزِيدُ بْنُ الْأَصَمِّ ابْنُ أُخْتِهَا وَسُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ عَتِيقُهَا أَوْ ابْنُ عَتِيقِهَا يَقُولاَنِ: نَكَحَهَا وَهُوَ حَلاَلٌ وَثَالِثٌ وَهُوَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ وَيَنْفَرِدُ عَلَيْك حَدِيثُ عُثْمَانَ الثَّابِتُ وَقُلْت: أَلَيْسَ أَعْطَيْتنِي أَنَّهُ إذَا اخْتَلَفَتْ الرِّوَايَةُ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم نَظَرْت فِيمَا فَعَلَ أَصْحَابُهُ مِنْ بَعْدِهِ فَأَخَذْت بِهِ وَتَرَكْت الَّذِي يُخَالِفُهُ؟ قَالَ: بَلَى، قُلْت فَعُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَيَزِيدُ بْنُ ثَابِتٍ يَرُدَّانِ نِكَاحَ الْمُحْرِمِ، وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: لاَ يَنْكِحُ الْمُحْرِمُ وَلاَ يُنْكَحُ وَلاَ أَعْلَمُ لَهُمَا مُخَالِفًا فَلِمَ لاَ قُلْت بِهِ؟ قَالَ الشَّافِعِيُّ: فَإِنْ كَانَ الْمُحْرِمُ حَاجًّا فَحَتَّى يَرْمِيَ وَيَحْلِقَ وَيَطُوفَ بِالْبَيْتِ يَوْمَ النَّحْرِ أَوْ بَعْدَهُ، وَإِنْ كَانَ مُعْتَمِرًا فَحَتَّى يَطُوفَ بِالْبَيْتِ وَيَسْعَى وَيَحْلِقَ فَإِنْ نَكَحَ قَبْلَ ذَلِكَ فَمَفْسُوخٌ وَالرَّجْعَةُ وَالشَّهَادَةُ عَلَى النِّكَاحِ لَيْسَا بِنِكَاحٍ.
مِنْ كِتَابِ نِكَاحِ الْجَدِيدِ وَمِنْ النِّكَاحِ الْقَدِيمِ وَمِنْ النِّكَاحِ وَالطَّلاَقِ إمْلاَءٌ عَلَى مَسَائِلِ مَالِكٍ، وَغَيْرُ ذَلِكَ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله تعالى أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ أَنَّهُ قَالَ: قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه: أَيُّمَا رَجُلٍ تَزَوَّجَ امْرَأَةً وَبِهَا جُنُونٌ أَوْ جُذَامٌ أَوْ بَرَصٌ فَمَسَّهَا فَلَهَا صَدَاقُهَا وَذَلِكَ لِزَوْجِهَا غُرْمٌ عَلَى وَلِيِّهَا وَقَالَ أَبُو الشَّعْثَاءِ: أَرْبَعٌ لاَ يَجُزْنَ فِي النِّكَاحِ إلَّا أَنْ تُسَمَّى: الْجُنُونُ، وَالْجُذَامُ، وَالْبَرَصُ، وَالْقَرْنُ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: الْقَرْنُ الْمَانِعُ لِلْجِمَاعِ؛ لِأَنَّهَا فِي غَيْرِ مَعْنَى النِّسَاءِ. قَالَ فَإِنْ اخْتَارَ فِرَاقَهَا قَبْلَ الْمَسِيسِ فَلاَ نِصْفَ مَهْرٍ وَلاَ مُتْعَةَ، وَإِنْ اخْتَارَ فِرَاقَهَا بَعْدَ الْمَسِيسِ فَصَدَّقَتْهُ أَنَّهُ لَمْ يَعْلَمْ فَلَهُ ذَلِكَ وَلَهَا مَهْرُ مِثْلِهَا بِالْمَسِيسِ وَلاَ نَفَقَةَ عَلَيْهِ فِي عِدَّتِهَا وَلاَ سُكْنَى وَلاَ يَرْجِعُ بِالْمَهْرِ عَلَيْهَا وَلاَ عَلَى وَلِيِّهَا؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ فِي الَّتِي نَكَحَتْ بِغَيْرِ إذْنِ وَلِيِّهَا: فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ، فَإِنْ مَسَّهَا فَلَهَا الْمَهْرُ بِمَا اسْتَحَلَّ مِنْ فَرْجِهَا وَلَمْ يَرُدَّهُ بِهِ عَلَيْهَا وَهِيَ الَّتِي غَرَّتْهُ فَهُوَ فِي النِّكَاحِ الصَّحِيحِ الَّذِي لِلزَّوْجِ فِيهِ الْخِيَارُ أَوْلَى أَنْ يَكُونَ لِلْمَرْأَةِ وَإِذَا كَانَ لَهَا لَمْ يَجُزْ أَنْ يَغْرَمَهُ وَلِيُّهَا، وَقَضَى عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه فِي الَّتِي نَكَحَتْ فِي عِدَّتِهَا أَنَّ لَهَا الْمَهْرَ. قَالَ وَمَا جَعَلْتُ لَهُ فِيهِ الْخِيَارَ فِي عَقْدِ النِّكَاحِ ثُمَّ حَدَثَ بِهَا فَلَهُ الْخِيَارُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ الْمَعْنَى قَائِمٌ فِيهَا لِحَقِّهِ فِي ذَلِكَ وَحَقِّ الْوَلَدِ. قَالَ الْمُزَنِيّ رحمه الله وَكَذَلِكَ مَا فَسَخَ عَقْدَ نِكَاحِ الْأَمَةِ مِنْ الطُّولِ إذَا حَدَثَ بَعْدَ النِّكَاحِ فَسْخُهُ؛ لِأَنَّهُ الْمَعْنَى الَّذِي يُفْسَخُ بِهِ النِّكَاحُ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَكَذَلِكَ هِيَ فِيهِ فَإِنْ اخْتَارَتْ فِرَاقَهُ قَبْلَ الْمَسِيسِ فَلاَ مَهْرَ وَلاَ مُتْعَةَ، فَإِنْ لَمْ تَعْلَمْ حَتَّى أَصَابَهَا فَاخْتَارَتْ فِرَاقَهُ فَلَهَا الْمَهْرُ مَعَ الْفِرَاقِ وَاَلَّذِي يَكُونُ بِهِ مِثْلُ الرَّتْقِ بِهَا أَنْ يَكُونَ مَجْبُوبًا فَأُخَيِّرُهَا مَكَانَهَا وَأَيُّهُمَا تَرَكَهُ أَوْ وَطِئَ بَعْدَ الْعِلْمِ فَلاَ خِيَارَ لَهُ وَقَالَ فِي الْقَدِيمِ: إنْ حَدَثَ بِهِ فَلَهَا الْفَسْخُ وَلَيْسَ لَهُ. قَالَ الْمُزَنِيّ أَوْلَى بِقَوْلِهِ: إنَّهُمَا سَوَاءٌ فِي الْحَدِيثِ كَمَا كَانَا فِيهِ سَوَاءً قَبْلَ الْحَدِيثِ. قَالَ وَالْجُذَامُ وَالْبَرَصُ فِيمَا زَعَمَ أَهْلُ الْعِلْمِ بِالطِّبِّ يُعْدِي وَلاَ تَكَادُ نَفْسُ أَحَدٍ تَطِيبُ أَنْ يُجَامِعَ مَنْ هُوَ بِهِ وَلاَ نَفْسُ امْرَأَةٍ بِذَلِكَ مِنْهُ وَأَمَّا الْوَلَدُ فَقَلَّمَا يَسْلَمُ فَإِنْ سَلِمَ أَدْرَكَ ذَلِكَ نَسْلَهُ نَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالَى الْعَافِيَةَ، وَالْجُنُونُ وَالْخَبَلُ لاَ يَكُونُ مَعَهُمَا تَأْدِيَةٌ لِحَقِّ زَوْجٍ وَلاَ زَوْجَةٍ بِعَقْلٍ وَلاَ امْتِنَاعٌ مِنْ مُحَرَّمٍ وَقَدْ يَكُونُ مِنْ مِثْلِهِ الْقَتْلُ وَلِوَلِيِّهَا مَنْعُهَا مِنْ نِكَاحِ الْمَجْنُونِ كَمَا يَمْنَعُهَا مِنْ غَيْرِ كُفْءٍ فَإِنْ قِيلَ فَهَلْ مِنْ حَكَمٍ بَيْنَهُمَا فِيهِ الْخِيَارُ أَوْ الْفُرْقَةُ؟ قِيلَ: نَعَمْ الْمَوْلَى يَمْتَنِعُ مِنْ الْجِمَاعِ بِيَمِينٍ لَوْ كَانَتْ عَلَى غَيْرَ مَأْثَمٍ كَانَتْ طَاعَةُ اللَّهِ أَنْ لاَ يَحْنَثَ فَأُرَخِّصُ لَهُ فِي الْحِنْثِ بِكَفَّارَةِ الْيَمِينِ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ وَجَبَ عَلَيْهِ الطَّلاَقُ وَالْعِلْمُ مُحِيطٌ بِأَنَّ الضَّرَرَ بِمُبَاشَرَةِ الْأَجْذَمِ وَالْأَبْرَصِ وَالْمَجْنُونِ وَالْمَخْبُولِ أَكْثَرُ مِنْهَا بِتَرْكِ مُبَاشَرَةِ الْمَوْلَى مَا لَمْ يَحْنَثْ، وَلَوْ تَزَوَّجَهَا عَلَى أَنَّهَا مُسْلِمَةٌ فَإِذَا هِيَ كِتَابِيَّةٌ كَانَ لَهُ فَسْخُ النِّكَاحِ بِلاَ نِصْفِ مَهْرٍ، وَلَوْ تَزَوَّجَهَا عَلَى أَنَّهَا كِتَابِيَّةٌ فَإِذَا هِيَ مُسْلِمَةٌ لَمْ يَكُنْ لَهُ فَسْخُ النِّكَاحِ؛ لِأَنَّهَا خَيْرٌ مِنْ كِتَابِيَّةٍ. قَالَ الْمُزَنِيّ رحمه الله هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مَنْ اشْتَرَى أَمَةً عَلَى أَنَّهَا نَصْرَانِيَّةٌ فَأَصَابَهَا مُسْلِمَةً فَلَيْسَ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَرُدَّهَا وَإِذَا اشْتَرَاهَا عَلَى أَنَّهَا مُسْلِمَةٌ فَوَجَدَهَا نَصْرَانِيَّةً فَلَهُ أَنْ يَرُدَّهَا.
مِنْ الْجَامِعِ مِنْ كِتَابِ النِّكَاحِ الْجَدِيدِ وَمِنْ التَّعْرِيضِ بِالْخِطْبَةِ وَمِنْ نِكَاحِ الْقَدِيمِ وَمِنْ النِّكَاحِ وَالطَّلاَقِ، إمْلاَءٌ عَلَى مَسَائِلِ مَالِكٍ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله تعالى وَإِذَا وَكَّلَ بِتَزْوِيجِ أَمَتِهِ فَذَكَرَتْ وَالْوَكِيلُ أَوْ أَحَدُهُمَا أَنَّهَا حُرَّةٌ فَزَوَّجَهَا ثُمَّ عَلِمَ فَلَهُ الْخِيَارُ فَإِنْ اخْتَارَ فِرَاقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ فَلاَ نِصْفَ مَهْرٍ وَلاَ مُتْعَةَ، وَإِنْ أَصَابَهَا فَلَهَا مَهْرُ مِثْلِهَا كَانَ أَكْثَرَ مِمَّا سُمِّيَ أَوْ أَقَلَّ؛ لِأَنَّ فِرَاقَهَا فَسْخٌ وَلاَ يُرْجَعُ بِهِ فَإِنْ كَانَتْ وَلَدَتْ فَهُمْ أَحْرَارٌ وَعَلَيْهِ قِيمَتُهُمْ يَوْمَ سَقَطُوا وَذَلِكَ أَوَّلُ مَا كَانَ حُكْمُهُمْ حُكْمَ أَنْفُسِهِمْ لِسَيِّدِ الْأَمَةِ وَلاَ يَرْجِعُ بِهَا عَلَى الَّذِي غَرَّهُ إلَّا بَعْدَ أَنْ يَغْرَمَهَا فَإِنْ كَانَ الزَّوْجُ عَبْدًا فَوَلَدُهُ أَحْرَارٌ؛ لِأَنَّهُ تَزَوَّجَ عَلَى أَنَّهُمْ أَحْرَارٌ وَلاَ مَهْرَ لَهَا عَلَيْهِ حَتَّى يُعْتَقَ. قَالَ الْمُزَنِيّ وَقِيمَةُ الْوَلَدِ فِي مَعْنَاهُ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنْ لاَ غُرْمَ عَلَى مَنْ شَهِدَ عَلَى رَجُلٍ بِقَتْلٍ خَطَأٍ أَوْ بِعِتْقٍ حَتَّى يَغْرَمَ لِلْمَشْهُودِ لَهُ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله وَإِنْ كَانَتْ هِيَ الْغَارَّةُ رَجَعَ عَلَيْهَا بِهِ إذَا أُعْتِقَتْ إلَّا أَنْ تَكُونَ مُكَاتَبَةً فَيَرْجِعَ عَلَيْهَا فِي كِتَابَتِهَا؛ لِأَنَّهَا كَالْجِنَايَةِ فَإِنْ عَجَزَتْ فَحَتَّى تُعْتَقَ فَإِنْ ضَرَبَهَا أَحَدٌ فَأَلْقَتْ جَنِينًا فَفِيهِ مَا فِي جَنِينِ الْحُرَّةِ. قَالَ الْمُزَنِيّ رحمه الله قَدْ جَعَلَ الشَّافِعِيُّ جَنِين الْمُكَاتَبَةَ كَجَنِينِ الْحُرَّةِ إذَا تَزَوَّجَهَا عَلَى أَنَّهَا حُرَّةٌ.
مِنْ كِتَابٍ قَدِيمٍ وَمِنْ إمْلاَءٍ وَكِتَابِ نِكَاحٍ وَطَلاَقٍ إمْلاَءٌ عَلَى مَسَائِلِ مَالِكٍ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ رَبِيعَةَ عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها {أَنَّ بَرِيرَةَ أُعْتِقَتْ فَخَيَّرَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم}. قَالَ وَفِي ذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ لَيْسَ بَيْعُهَا طَلاَقَهَا إذْ خَيِّرْهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَعْدَ بَيْعِهَا فِي زَوْجِهَا وَرُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنَّهَا قَالَتْ: كَانَ عَبْدًا {وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ كَانَ عَبْدًا يُقَالُ لَهُ مُغِيثٌ كَأَنِّي أَنْظُرُ إلَيْهِ يَطُوفُ خَلْفَهَا يَبْكِي وَدُمُوعُهُ تَسِيلُ عَلَى لِحْيَتِهِ فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لِلْعَبَّاسِ رضي الله عنه: يَا عَبَّاسُ أَلاَ تَعْجَبُ مِنْ حُبِّ مُغِيثٍ بَرِيرَةَ وَمِنْ بُغْضِ بَرِيرَةَ مُغِيثًا؟ فَقَالَ لَهَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لَوْ رَاجَعْته فَإِنَّمَا هُوَ أَبُو وَلَدِك فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ بِأَمْرِك؟ قَالَ: إنَّمَا أَنَا شَفِيعٌ قَالَتْ: فَلاَ حَاجَةَ لِي فِيهِ} وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما أَنَّهُ قَالَ: كَانَ عَبْدًا. قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله وَلاَ يُشْبِهُ الْعَبْدُ الْحُرَّ؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ لاَ يَمْلِكُ نَفْسَهُ وَلِأَنَّ لِلسَّيِّدِ إخْرَاجَهُ عَنْهَا وَمَنْعَهُ مِنْهَا وَلاَ نَفَقَةَ عَلَيْهِ لِوَلَدِهَا وَلاَ وِلاَيَةَ وَلاَ مِيرَاثَ بَيْنَهُمَا فَلِهَذَا- وَاَللَّهُ أَعْلَمُ- كَانَ لَهَا الْخِيَارُ إذَا أُعْتِقَتْ مَا لَمْ يُصِبْهَا زَوْجُهَا بَعْدَ الْعِتْقِ وَلاَ أَعْلَمُ فِي تَأْقِيتِ الْخِيَارِ شَيْئًا يُتْبَعُ إلَّا قَوْلَ حَفْصَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مَا لَمْ يَمَسَّهَا. قَالَ فَإِنْ أَصَابَهَا فَادَّعَتْ الْجَهَالَةَ فَفِيهَا قَوْلاَنِ: أَحَدُهُمَا: أَنْ لاَ خِيَارَ لَهَا. وَالْآخَرُ: لَهَا الْخِيَارُ وَهَذَا أَحَبُّ إلَيْنَا قُلْت أَنَا وَقَدْ قُطِعَ بِأَنَّ لَهَا الْخِيَارَ فِي كِتَابَيْنِ وَلاَ مَعْنَى فِيهَا لِقَوْلَيْنِ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: فَإِنْ اخْتَارَتْ فِرَاقَهُ وَلَمْ يَمَسَّهَا فَلاَ صَدَاقَ لَهَا فَإِنْ أَقَامَتْ مَعَهُ فَالصَّدَاقُ لِلسَّيِّدِ؛ لِأَنَّهُ وَجَبَ بِالْعَقْدِ، وَلَوْ كَانَتْ فِي عِدَّةِ طَلْقَةٍ فَلَهَا الْفَسْخُ، وَإِنْ تَزَوَّجَهَا بَعْدَ ذَلِكَ فَهِيَ عَلَى وَاحِدَةٍ وَعَلَى السُّلْطَانِ أَنْ يُؤَجِّلَهَا أَكْثَرَ مِنْ مُقَامِهَا فَإِنْ كَانَتْ صَبِيَّةً فَحَتَّى تَبْلُغَ وَلاَ خِيَارَ لِأَمَةٍ حَتَّى تَكْمُلَ فِيهَا الْحُرِّيَّةُ، وَلَوْ أُعْتِقَ قَبْلَ الْخِيَارِ فَلاَ خِيَارَ لَهَا.
مِنْ الْجَامِعِ مِنْ كِتَابٍ قَدِيمٍ وَمِنْ كِتَابِ التَّعْرِيضِ بِالْخِطْبَةِ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله تعالى أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ ابْنِ الْمُسَيِّبِ عَنْ عُمَرَ رضي الله عنه أَنَّهُ أَجَّلَ الْعِنِّينَ سَنَةً. قَالَ وَلاَ أَحْفَظُ عَمَّنْ لَقِيته خِلاَفًا فِي ذَلِكَ فَإِنْ جَامَعَ وَإِلَّا فُرِّقَ بَيْنَهُمَا، وَإِنْ قُطِعَ مِنْ ذَكَرِهِ فَبَقِيَ مِنْهُ مَا يَقَعُ مَوْقِعَ الْجِمَاعِ أَوْ كَانَ خُنْثَى يَبُولُ مِنْ حَيْثُ يَبُولُ الرِّجَالُ أَوْ كَانَ يُصِيبُ غَيْرَهَا وَلاَ يُصِيبُهَا فَسَأَلَتْ فِرْقَتَهُ أَجَّلْته سَنَةً مِنْ يَوْمِ تَرَافَعَا إلَيْنَا. قَالَ فَإِنْ أَصَابَهَا مَرَّةً وَاحِدَةً فَهِيَ امْرَأَتُهُ وَلاَ تَكُونُ إصَابَتُهَا إلَّا بِأَنْ يُغَيِّبَ الْحَشَفَةَ أَوْ مَا بَقِيَ مِنْ الذَّكَرِ فِي الْفَرْجِ فَإِنْ لَمْ يُصِبْهَا خَيَّرَهَا السُّلْطَانُ فَإِنْ شَاءَتْ فِرَاقَهُ فُسِخَ نِكَاحُهَا بِغَيْرِ طَلاَقٍ؛ لِأَنَّهُ إلَيْهَا دُونَهُ فَإِنْ أَقَامَتْ مَعَهُ فَهُوَ تَرْكٌ لِحَقِّهَا فَإِنْ فَارَقَهَا بَعْدَ ذَلِكَ ثُمَّ رَاجَعَهَا فِي الْعِدَّةِ ثُمَّ سَأَلَتْ أَنْ يُؤَجَّلَ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ لَهَا. قَالَ الْمُزَنِيّ وَكَيْفَ يَكُونُ عَلَيْهَا عِدَّةٌ وَلَمْ تَكُنْ إصَابَةٌ وَأَصْلُ قَوْلِهِ لَوْ اسْتَمْتَعَ رَجُلٌ بِامْرَأَةٍ وَقَالَتْ: لَمْ يُصِبْنِي وَطَلَّقَ فَلَهَا نِصْفُ الْمَهْرِ وَلاَ عِدَّةَ عَلَيْهَا. قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَلَوْ قَالَتْ: لَمْ يُصِبْنِي، وَقَالَ: قَدْ أَصَبْتهَا فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهَا تُرِيدُ فَسْخَ نِكَاحِهَا وَعَلَيْهِ الْيَمِينُ فَإِنْ نَكَلَ وَحَلَفَتْ فُرِّقَ بَيْنَهُمَا، وَإِنْ كَانَتْ بِكْرًا أُرِيَهَا أَرْبَعًا مِنْ النِّسَاءِ عُدُولاً وَذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى صِدْقِهَا فَإِنْ شَاءَ أَحْلَفَهَا ثُمَّ فُرِّقَ بَيْنَهُمَا فَإِنْ نَكَلَتْ وَحَلَفَ أَقَامَ مَعَهَا وَذَلِكَ أَنَّ الْعُذْرَةَ قَدْ تَعُودُ فِيمَا يَزْعُمُ أَهْلُ الْخِبْرَةِ بِهَا إذَا لَمْ يُبَالِغْ فِي الْإِصَابَةِ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَلِلْمَرْأَةِ الْخِيَارُ فِي الْمَجْبُوبِ وَغَيْرِ الْمَجْبُوبِ مِنْ سَاعَتِهَا؛ لِأَنَّ الْمَجْبُوبَ لاَ يُجَامِعُ أَبَدًا وَالْخَصِيُّ نَاقِصٌ عَنْ الرِّجَالِ، وَإِنْ كَانَ لَهُ ذَكَرٌ إلَّا أَنْ تَكُونَ عَلِمَتْ فَلاَ خِيَارَ لَهَا، وَإِنْ لَمْ يُجَامِعْهَا الصَّبِيُّ أُجِّلَ. قَالَ الْمُزَنِيّ مَعْنَاهُ عِنْدِي صَبِيٌّ قَدْ بَلَغَ أَنْ يُجَامَعَ مِثْلُهُ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: فَإِنْ كَانَ خُنَثِي يَبُولُ مِنْ حَيْثُ يَبُولُ الرَّجُلُ فَهُوَ رَجُلٌ يَتَزَوَّجُ امْرَأَةً، وَإِنْ كَانَتْ هِيَ تَبُولُ مِنْ حَيْثُ تَبُولُ الْمَرْأَةُ فَهِيَ امْرَأَةٌ تَتَزَوَّجُ رَجُلاً، وَإِنْ كَانَ مُشْكِلاً لَمْ يُزَوَّجْ، وَقِيلَ لَهُ: أَنْتَ أَعْلَمُ بِنَفْسِك فَأَيُّهُمَا شِئْت أَنْكَحْنَاك عَلَيْهِ ثُمَّ لاَ يَكُونُ لَك غَيْرُهُ أَبَدًا. قَالَ الْمُزَنِيّ فَبِأَيِّهِمَا تَزَوَّجَ وَهُوَ مُشْكِلٌ كَانَ لِصَاحِبِهِ الْخِيَارُ لِنَقْصِهِ قِيَاسًا عَلَى قَوْلٍ فِي الْخَصِيِّ لَهُ الذَّكَرُ إنَّ لَهَا فِيهِ الْخِيَارَ لِنَقْصِهِ.
مِنْ كِتَابِ التَّعْرِيضِ بِالْخِطْبَةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله تعالى فَإِذَا أَصَابَ الْحُرُّ الْبَالِغُ أَوْ أُصِيبَتْ الْحُرَّةُ الْبَالِغَةُ فَهُوَ إحْصَانٌ فِي الشِّرْكِ وَغَيْرِهِ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم رَجَمَ يَهُودِيَّيْنِ زَنَيَا فَلَوْ كَانَ الْمُشْرِكُ لاَ يَكُونُ مُحْصَنًا كَمَا قَالَ بَعْضُ النَّاسِ لَمَّا رَجَمَ صلى الله عليه وسلم غَيْرَ مُحْصَنٍ. الصَّدَاقُ مُخْتَصَرٌ مِنْ الْجَامِعِ مِنْ كِتَابِ الصَّدَاقِ وَمِنْ كِتَابِ النِّكَاحِ وَمِنْ كِتَابِ اخْتِلاَفِ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله تعالى ذَكَرَ اللَّهُ الصَّدَاقَ وَالْأَجْرَ فِي كِتَابِهِ وَهُوَ الْمَهْرُ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {لاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إنْ طَلَّقْتُمْ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً} فَدَلَّ أَنَّ عُقْدَةَ النِّكَاحِ بِالْكَلاَمِ وَأَنَّ تَرْكَ الصَّدَاقِ لاَ يُفْسِدُهَا فَلَوْ عُقِدَ بِمَجْهُولٍ أَوْ بِحَرَامٍ ثَبَتَ النِّكَاحُ وَلَهَا مَهْرُ مِثْلِهَا وَفِي قوله تعالى {وَآتَيْتُمْ إحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا} دَلِيلٌ عَلَى أَنْ لاَ وَقْتَ لِلصَّدَاقِ يَحْرُمُ بِهِ لِتَرْكِهِ النَّهْيَ عَنْ التَّكْثِيرِ وَتَرْكِهِ حَدَّ الْقَلِيلِ، وَقَالَ صلى الله عليه وسلم: {أَدُّوا الْعَلاَئِقَ قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا الْعَلاَئِقُ؟ قَالَ مَا تَرَاضَى بِهِ الْأَهْلُونَ}. قَالَ وَلاَ يَقَعُ اسْمُ عَلَقٍ إلَّا عَلَى مَا لَهُ قِيمَةٌ، وَإِنْ قَلَّتْ مِثْلَ الْفَلْسِ وَمَا أَشْبَهَهُ {وَقَالَ صلى الله عليه وسلم لِرَجُلٍ الْتَمِسْ، وَلَوْ خَاتَمًا مِنْ حَدِيدٍ فَالْتَمَسَ فَلَمْ يَجِدْ شَيْئًا فَقَالَ هَلْ مَعَك شَيْءٌ مِنْ الْقُرْآنِ؟ قَالَ: نَعَمْ سُورَةُ كَذَا وَسُورَةُ كَذَا فَقَالَ قَدْ زَوَّجْتُكهَا بِمَا مَعَك مِنْ الْقُرْآنِ} وَبَلَغَنَا أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ {مَنْ اسْتَحَلَّ بِدِرْهَمٍ فَقَدْ اسْتَحَلَّ} وَأَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رضي الله عنه قَالَ فِي ثَلاَثِ قَبَضَاتِ زَبِيبٍ مَهْرٌ وَقَالَ ابْنُ الْمُسَيِّبِ لَوْ أَصْدَقَهَا سَوْطًا جَازَ، وَقَالَ رَبِيعَةُ: دِرْهَمٌ، قَالَ: قُلْت: وَأَقَلُّ؟ قَالَ: وَنِصْفُ دِرْهَمٍ قَالَ: قُلْت: لَهُ فَأَقَلُّ؟ قَالَ: نَعَمْ وَحَبَّةُ حِنْطَةٍ أَوْ قَبْضَةُ حِنْطَةٍ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: فَمَا جَازَ أَنْ يَكُونَ ثَمَنًا لِشَيْءٍ أَوْ مَبِيعًا بِشَيْءٍ أَوْ أُجْرَةً لِشَيْءٍ جَازَ إذَا كَانَتْ الْمَرْأَةُ مَالِكَةً لِأَمْرِهَا.
مِنْ الْجَامِعِ مِنْ كِتَابِ الصَّدَاقِ وَكِتَابِ النِّكَاحِ مِنْ أَحْكَامِ الْقُرْآنِ وَمِنْ كِتَابِ النِّكَاحِ الْقَدِيمِ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله تعالى وَإِذَا أَنْكَحَ صلى الله عليه وسلم بِالْقُرْآنِ فَلَوْ نَكَحَهَا عَلَى أَنْ يُعَلِّمَهَا قُرْآنًا أَوْ يَأْتِيَهَا بِعَبْدِهَا الْآبِقِ فَعَلَّمَهَا أَوْ جَاءَهَا بِالْآبِقِ ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ رُجِعَ عَلَيْهَا بِنِصْفِ أَجْرِ التَّعْلِيمِ. قَالَ الْمُزَنِيّ وَبِنِصْفِ أَجْرِ الْمَجِيءِ بِالْآبِقِ فَإِنْ لَمْ يُعَلِّمْهَا أَوْ لَمْ يَأْتِهَا بِالْآبِقِ رَجَعَتْ عَلَيْهِ بِنِصْفِ مَهْرِ مِثْلِهَا؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَخْلُوَ بِهَا يُعَلِّمُهَا. قَالَ الْمُزَنِيّ وَكَذَا لَوْ قَالَ: نَكَحْت عَلَى خِيَاطَةِ ثَوْبٍ بِعَيْنِهِ فَهَلَكَ الثَّوْبُ فَلَهَا مَهْرُ مِثْلِهَا وَهَذَا أَصَحُّ مِنْ قَوْلِهِ لَوْ مَاتَ رَجَعَتْ فِي مَالِهِ بِأَجْرِ مِثْلِهِ فِي تَعْلِيمِهِ.
مِنْ الْجَامِعِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ كِتَابِ الصَّدَاقِ وَنِكَاحِ الْقَدِيمِ وَمِنْ اخْتِلاَفِ الْحَدِيثِ وَمِنْ مَسَائِلَ شَتَّى. قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله: وَكُلُّ مَا أَصْدَقَهَا فَمَلَكَتْهُ بِالْعُقْدَةِ وَضَمِنَتْهُ بِالدَّفْعِ فَلَهَا زِيَادَتُهُ وَعَلَيْهَا نُقْصَانُهُ فَإِنْ أَصْدَقَهَا أَمَةً أَوْ عَبْدًا صَغِيرَيْنِ فَكَبِرَا أَوْ أَعْمَيَيْنِ فَأَبْصَرَا ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ فَعَلَيْهَا نِصْفُ قِيمَتِهِمَا يَوْمَ قَبَضَهُمَا إلَّا أَنْ تَشَاءَ دَفْعَهُمَا زَائِدَيْنِ فَلاَ يَكُونُ لَهُ إلَّا ذَلِكَ إلَّا أَنْ تَكُونَ الزِّيَادَةُ غَيَّرَتْهُمَا بِأَنْ يَكُونَا كَبِرَا كِبَرًا بَعِيدًا بِالصَّغِيرِ يَصْلُحُ لِمَا لاَ يَصْلُحُ لَهُ الْكَبِيرُ فَيَكُونُ لَهُ نِصْفُ قِيمَتِهِمَا، وَإِنْ كَانَا نَاقِصَيْنِ فَلَهُ نِصْفُ قِيمَتِهِمَا إلَّا أَنْ يَشَاءَ أَنْ يَأْخُذَهُمَا نَاقِصَيْنِ فَلَيْسَ لَهَا مَنْعُهُ إلَّا أَنْ يَكُونَا يَصْلُحَانِ لِمَا لاَ يَصْلُحُ لَهُ الصَّغِيرُ فِي نَحْوِ ذَلِكَ وَهَذَا كُلُّهُ مَا لَمْ يَقْضِ لَهُ الْقَاضِي بِنِصْفِهِ فَتَكُونُ هِيَ حِينَئِذٍ ضَامِنَةً لِمَا أَصَابَهُ فِي يَدَيْهَا، فَإِنْ طَلَّقَهَا وَالنَّخْلُ مُطْلِعَةٌ فَأَرَادَ أَخْذَ نِصْفِهَا بِالطَّلْعِ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ وَكَانَتْ كَالْجَارِيَةِ الْحُبْلَى وَالشَّاةِ الْمَاخِصِ وَمُخَالِفَةً لَهُمَا فِي أَنَّ الْإِطْلاَعَ لاَ يَكُونُ مُغَيِّرًا لِلنَّخْلِ عَنْ حَالِهَا فَإِنْ شَاءَتْ أَنْ تَدْفَعَ إلَيْهِ نِصْفَهَا فَلَيْسَ لَهُ إلَّا ذَلِكَ وَكَذَلِكَ كُلُّ شَجَرٍ إلَّا أَنْ يُرْقِلُ الشَّجَرُ فَيَصِيرُ قِحَامًا فَلاَ يَلْزَمُهُ وَلَيْسَ لَهَا تَرْكُ الثَّمَرَةِ عَلَى أَنْ تَسْتَجْنِيَهَا ثُمَّ تَدْفَعَ إلَيْهِ نِصْفَ الشَّجَرِ لاَ يَكُونُ حَقُّهُ مُعَجَّلاً فَتُؤَخِّرُهُ إلَّا أَنْ يَشَاءَ، وَلَوْ أَرَادَ أَنْ يُؤَخِّرَهَا إلَى أَنْ تَجِدَ الثَّمَرَةَ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ عَلَيْهَا وَذَلِكَ أَنَّ النَّخْلَ وَالشَّجَرَ يَزِيدَانِ إلَى الْجِذَاذِ وَأَنَّهُ لَمَّا طَلَّقَهَا وَفِيهَا الزِّيَادَةُ كَانَ مَحُولاً دُونَهَا وَكَانَتْ هِيَ الْمَالِكَةُ دُونَهُ وَحَقُّهُ فِي قِيمَتِهِ. قَالَ الْمُزَنِيّ لَيْسَ هَذَا عِنْدِي بِشَيْءٍ؛ لِأَنَّهُ يُجِيزُ بَيْعَ النَّخْلِ قَدْ أُبِّرَتْ فَيَكُونُ ثَمَرُهَا لِلْبَائِعِ حَتَّى يَسْتَجْنِيَهَا وَالنَّخْلُ لِلْمُشْتَرِي مُعَجَّلَةٌ، وَلَوْ كَانَتْ مُؤَخَّرَةً مَا جَازَ بَيْعُ عَيْنٍ مُؤَخَّرَةٍ فَلَمَّا جَازَتْ مُعَجَّلَةً وَالثَّمَرُ فِيهَا جَازَ رَدُّ نِصْفِهَا لِلزَّوْجِ مُعَجَّلاً وَالثَّمَرُ فِيهَا وَكَانَ رَدُّ النِّصْفِ فِي ذَلِكَ أَحَقَّ بِالْجَوَازِ مِنْ الشِّرَاءِ فَإِذَا جَازَ ذَلِكَ فِي الشِّرَاءِ جَازَ فِي الرَّدِّ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَكَذَلِكَ الْأَرْضُ تَزْرَعُهَا أَوْ تَغْرِسُهَا أَوْ تَحْرُثُهَا. قَالَ الْمُزَنِيّ الزَّرْعُ مُضِرٌّ بِالْأَرْضِ مُنْقِصٌ لَهَا، وَإِنْ كَانَ لِحَصَادِهِ غَايَةٌ فَلَهُ الْخِيَارُ فِي قَبُولِ نِصْفِ الْأَرْضِ مُنْتَقِصَةً أَوْ الْقِيمَةُ وَالزَّرْعُ لَهَا وَلَيْسَ ثَمَرُ النَّخْلِ مُضِرًّا بِهَا فَلَهُ نِصْفُ النَّخْلِ وَالثَّمَرُ لَهَا وَأَمَّا الْغِرَاسُ فَلَيْسَ بِشَبِيهٍ لَهُمَا؛ لِأَنَّ لَهُمَا غَايَةً يُفَارِقَانِ فِيهَا مَكَانَهُمَا مِنْ جِذَاذٍ وَحَصَادٍ وَلَيْسَ كَذَلِكَ الْغِرَاسُ؛ لِأَنَّهُ ثَابِتٌ فِي الْأَرْضِ فَلَهُ نِصْفُ قِيمَتِهَا وَأَمَّا الْحَرْثُ فَزِيَادَةٌ لَهَا فَلَيْسَ عَلَيْهَا أَنْ تُعْطِيَهُ نِصْفَ مَا زَادَ فِي مِلْكِهَا إلَّا أَنْ تَشَاءَ وَهَذَا عِنْدِي أَشْبَهُ بِقَوْلِهِ، وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَلَوْ وُلِدَتْ الْأَمَةُ فِي يَدَيْهِ أَوْ نَتَجَتْ الْمَاشِيَةُ فَنَقَصَتْ عَنْ حَالِهَا كَانَ الْوَلَدُ لَهَا دُونَهُ؛ لِأَنَّهُ حَدَثَ فِي مِلْكِهَا فَإِنْ شَاءَتْ أَخَذَتْ أَنْصَافَهَا نَاقِصَةً، وَإِنْ شَاءَتْ أَخَذَتْ أَنْصَافَ قِيمَتِهَا يَوْمَ أَصْدَقَهَا. قَالَ الْمُزَنِيّ هَذَا قِيَاسُ قَوْلِهِ فِي أَوَّلِ بَابِ مَا جَاءَ فِي الصَّدَاقِ فِي كِتَابِ الْأُمِّ وَهُوَ قَوْلُهُ وَهَذَا خَطَأٌ عَلَى أَصْلِهِ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: فَإِنْ أَصْدَقَهَا عَرَضًا بِعَيْنِهِ أَوْ عَبْدًا فَهَلَكَ قَبْلَ أَنْ يَدْفَعَهُ فَلَهَا قِيمَتُهُ يَوْمَ وَقَعَ النِّكَاحُ فَإِنْ طَلَبَتْهُ فَمَنَعَهَا فَهُوَ غَاصِبٌ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ مَا كَانَ قِيمَةً. قَالَ الْمُزَنِيّ قَدْ قَالَ فِي كِتَابِ الْخُلْعِ: لَوْ أَصْدَقَهَا دَارًا فَاحْتَرَقَتْ قَبْلَ أَنْ تَقْبِضَهَا كَانَ لَهَا الْخِيَارُ فِي أَنْ تَرْجِعَ بِمَهْرِ مِثْلِهَا أَوْ تَكُونَ لَهَا الْعَرْصَةُ بِحِصَّتِهَا مِنْ الْمَهْرِ، وَقَالَ فِيهِ أَيْضًا: لَوْ خَلَعَهَا عَلَى عَبْدٍ بِعَيْنِهِ فَمَاتَ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَهُ رَجَعَ عَلَيْهَا بِمَهْرِ مِثْلِهَا كَمَا يَرْجِعُ لَوْ اشْتَرَاهُ مِنْهَا فَمَاتَ رَجَعَ بِالثَّمَنِ الَّذِي قَبَضَتْ. قَالَ الْمُزَنِيّ هَذَا أَشْبَهُ بِأَصْلِهِ؛ لِأَنَّهُ يَجْعَلُ بَدَلَ النِّكَاحِ وَبَدَلَ الْخُلْعِ فِي مَعْنَى بَدَلِ الْبَيْعِ الْمُسْتَهْلَكِ فَإِذَا بَطَلَ الْبَيْعُ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَ وَقَدْ قَبَضَ الْبَدَلَ وَاسْتُهْلِكَ رَجَعَ بِقِيمَةِ الْمُسْتَهْلَكِ وَكَذَلِكَ النِّكَاحُ وَالْخُلْعُ إذَا بَطَلَ بَدَلُهُمَا رَجَعَ بِقِيمَتِهِمَا وَهُوَ مَهْرُ الْمِثْلِ كَالْبَيْعِ الْمُسْتَهْلَكِ. قَالَ وَلَوْ جَعَلَ ثَمَرَ النَّخْلِ فِي قَوَارِيرَ وَجَعَلَ عَلَيْهَا صَقْرًا مِنْ صَقْرِ نَخْلِهَا كَانَ لَهَا أَخْذُهُ وَنَزْعُهُ مِنْ الْقَوَارِيرِ فَإِذَا كَانَ إذَا نَزَعَ فَسَدَ وَلَمْ يَبْقَ مِنْهُ شَيْءٌ يُنْتَفَعُ بِهِ كَانَ لَهَا الْخِيَارُ فِي أَنْ تَأْخُذَهُ أَوْ تَأْخُذَ مِنْهُ مِثْلَهُ وَمِثْلَ صَقْرِهِ إنْ كَانَ لَهُ مِثْلٌ أَوْ قِيمَتُهُ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مِثْلٌ، وَلَوْ رَبَّهُ بِرُبٍّ مِنْ عِنْدَهُ كَانَ لَهَا الْخِيَارُ فِي أَنْ تَأْخُذَهُ وَتَنْزِعَ مَا عَلَيْهِ مِنْ الرُّبِّ أَوْ تَأْخُذَ مِثْلَ التَّمْرِ إذَا كَانَ إذَا خَرَجَ مِنْ الرُّبِّ لاَ يَبْقَى يَابِسًا بَقَاءَ التَّمْرِ الَّذِي لَمْ يُصِبْهُ الرُّبُّ أَوْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ. قَالَ وَكُلُّ مَا أُصِيبَ فِي يَدَيْهِ بِفِعْلِهِ أَوْ غَيْرِهِ فَهُوَ كَالْغَاصِبِ فِيهِ إلَّا أَنْ تَكُونَ أَمَةٌ فَيَطَأهَا فَتَلِدُ مِنْهُ قَبْلَ الدُّخُولِ، وَيَقُولُ: كُنْت أَرَاهَا لاَ تَمْلِكُ إلَّا نِصْفَهَا حَتَّى أَدْخُلَ فَيَقُومُ الْوَلَدُ عَلَيْهِ يَوْمَ سَقَطَ وَيَلْحَقُ بِهِ وَلَهَا مَهْرُهَا، وَإِنْ شَاءَتْ أَنْ تَسْتَرِقَّهَا فَهِيَ لَهَا، وَإِنْ شَاءَتْ أَخَذَتْ قِيمَتَهَا مِنْهُ أَكْثَرَ مَا كَانَتْ قِيمَةً وَلاَ تَكُونُ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ وَإِنَّمَا جُعِلَتْ لَهَا الْخِيَارُ؛ لِأَنَّ الْوِلاَدَةَ تُغَيِّرُهَا عَنْ حَالِهَا يَوْمَ أَصْدَقَهَا. قَالَ الْمُزَنِيّ وَقَدْ قَالَ: وَلَوْ أَصْدَقَهَا عَبْدًا فَأَصَابَتْ بِهِ عَيْبًا فَرَدَّتْهُ أَنَّ لَهَا مَهْرَ مِثْلِهَا وَهَذَا بِقَوْلِهِ أَوْلَى. قَالَ الْمُزَنِيّ وَإِذَا لَمْ يَخْتَلِفْ قَوْلُهُ أَنَّ لَهَا الرَّدَّ كَالرَّدِّ فِي الْبَيْعِ بِالْعَيْبِ فَلاَ يَجُوزُ أَخْذُ قِيمَةِ مَا رَدَّتْ فِي الْبَيْعِ، وَإِنَّمَا تَرْجِعُ إلَى مَا دَفَعَتْ فَإِنْ كَانَ فَائِتًا فَقِيمَتُهُ وَكَذَلِكَ الْبُضْعُ عِنْدَهُ كَالْمَبِيعِ الْفَائِتِ، وَمِمَّا يُؤَكِّدُ ذَلِكَ أَيْضًا قَوْلُهُ فِي الْخُلْعِ لَوْ خَلَعَهَا بِعَبْدٍ فَأَصَابَ بِهِ عَيْبًا أَنَّهُ يَرُدُّهُ وَيَرْجِعُ بِمَهْرِ مِثْلِهَا فَسَوَّى فِي ذَلِكَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا وَهَذَا بِقَوْلِهِ أَوْلَى. قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَلَوْ أَصْدَقَهَا شِقْصًا مِنْ دَارٍ فَفِيهِ الشُّفْعَةُ بِمَهْرِ مِثْلِهَا؛ لِأَنَّ التَّزْوِيجَ فِي عَامَّةِ حُكْمِهِ كَالْبَيْعِ، وَاخْتَلَفَ قَوْلُهُ فِي الرَّجُلِ يَتَزَوَّجُهَا بِعَبْدٍ يُسَاوِي أَلْفًا عَلَى أَنْ زَادَتْهُ أَلْفًا وَمَهْرُ مِثْلِهَا يَبْلُغُ أَلْفًا فَأَبْطَلَهُ فِي أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ وَأَجَازَهُ فِي الْآخَرِ وَجَعَلَ مَا أَصَابَ قَدْرَ الْمَهْرِ مِنْ الْعَبْدِ مَهْرًا وَمَا أَصَابَ قَدْرَ الْأَلْفِ مِنْ الْعَبْدِ مَبِيعًا. قَالَ الْمُزَنِيّ أَشْبَهَ عِنْدِي بِقَوْلِهِ أَنْ لاَ يُجِيزَهُ؛ لِأَنَّهُ لاَ يُجِيزُ الْبَيْعَ إذَا كَانَ فِي عَقْدِهِ كِرَاءٌ وَلاَ الْكِتَابَةَ إذَا كَانَ فِي عَقْدِهَا بَيْعٌ، وَلَوْ أَصْدَقَهَا عَبْدًا فَدَبَّرَتْهُ ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ لَمْ يَرْجِعْ فِي نِصْفِهِ؛ لِأَنَّ الرُّجُوعَ لاَ يَكُونُ إلَّا بِإِخْرَاجِهَا إيَّاهُ مِنْ مِلْكِهَا. قَالَ الْمُزَنِيّ قَدْ أَجَازَ الرُّجُوعَ فِي كِتَابِ التَّدْبِيرِ بِغَيْرِ إخْرَاجٍ لَهُ مِنْ مِلْكِهِ وَهُوَ بِقَوْلِهِ أَوْلَى. قَالَ الْمُزَنِيّ إذَا كَانَ التَّدْبِيرُ وَصِيَّةً لَهُ بِرَقَبَتِهِ فَهُوَ كَمَا لَوْ أَوْصَى لِغَيْرِهِ بِرَقَبَتِهِ مَعَ أَنَّ رَدَّ نِصْفِهِ إلَيْهِ إخْرَاجٌ مِنْ الْمِلْكِ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَلَوْ تَزَوَّجَهَا عَلَى عَبْدٍ فَوُجِدَ حُرًّا فَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ. قَالَ الْمُزَنِيّ هَذَا غَلَطٌ وَهُوَ يَقُولُ: لَوْ تَزَوَّجَهَا بِشَيْءٍ فَاسْتُحِقَّ رَجَعَتْ إلَى مَهْرِ مِثْلِهَا وَلَمْ تَكُنْ لَهَا قِيمَتُهُ؛ لِأَنَّهَا لَمْ تَمْلِكْهُ فَهِيَ مِنْ مِلْكِ قِيمَةِ الْحُرِّ أَبْعَدُ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَإِذَا شَاهَدَ الزَّوْجُ الْوَلِيَّ وَالْمَرْأَةَ أَنَّ الْمَهْرَ كَذَا وَيُعْلِنُ أَكْثَرَ مِنْهُ فَاخْتَلَفَ قَوْلُهُ فِي ذَلِكَ فَقَالَ فِي مَوْضِعِ السِّرِّ، وَقَالَ فِي غَيْرِهِ الْعَلاَنِيَةُ وَهَذَا أَوْلَى عِنْدِي؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يُنْظَرُ إلَى الْعُقُودِ وَمَا قَبْلَهَا وَعْدٌ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَإِنْ عَقَدَ عَلَيْهِ النِّكَاحَ بِعِشْرِينَ يَوْمَ الْخَمِيسِ ثُمَّ عَقَدَ عَلَيْهِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ بِثَلاَثِينَ وَطَلَبَتْهُمَا مَعًا فَهُمَا لَهَا؛ لِأَنَّهُمَا نِكَاحَانِ. قَالَ الْمُزَنِيّ رحمه الله لِلزَّوْجِ أَنْ يَقُولَ: كَانَ الْفِرَاقُ فِي النِّكَاحِ الثَّانِي قَبْلَ الدُّخُولِ فَلاَ يَلْزَمُهُ إلَّا مَهْرٌ وَنِصْفٌ فِي قِيَاسِ قَوْلِهِ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَلَوْ أَصْدَقَ أَرْبَعَ نِسْوَةٍ أَلْفًا قُسِمَتْ عَلَى قَدْرِ مُهُورِهِنَّ كَمَا لَوْ اشْتَرَى أَرْبَعَةَ أَعْبُدٍ فِي صَفْقَةٍ فَيَكُونُ الثَّمَنُ مَقْسُومًا عَلَى قَدْرِ قِيمَتِهِمْ. قَالَ الْمُزَنِيّ رحمه الله نَظِيرُهُنَّ أَنْ يَشْتَرِيَ مِنْ أَرْبَعِ نِسْوَةٍ مِنْ كُلِّ وَاحِدَةٍ عَبْدًا بِثَمَنٍ وَاحِدٍ فَتَجْهَلَ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ ثَمَنَ عَبْدِهَا كَمَا جَهِلَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ مَهْرَ نَفْسِهَا وَفَسَادُ الْمَهْرِ بِقَوْلِهِ أَوْلَى. قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله وَلَوْ أَصْدَقَ عَنْ ابْنِهِ وَدَفَعَ الصَّدَاقَ مِنْ مَالِهِ ثُمَّ طَلَّقَ فَلِلِابْنِ النِّصْفُ كَمَا لَوْ وَهَبَهُ لَهُ فَقَبَضَهُ، وَلَوْ تَزَوَّجَ الْمُولَى عَلَيْهِ بِغَيْرِ أَمْرِ وَلِيِّهِ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يُجِيزَ النِّكَاحَ، وَإِنْ أَصَابَهَا فَلاَ صَدَاقَ لَهَا وَلاَ شَيْءَ تَسْتَحِلُّ بِهِ إذَا كُنْت لاَ أَجْعَلُ عَلَيْهِ فِي سِلْعَةٍ يَشْتَرِيهَا فَيُتْلِفُهَا شَيْئًا لَمْ أَجْعَلْ عَلَيْهِ بِالْإِصَابَةِ شَيْئًا.
مِنْ الْجَامِعِ مِنْ كِتَابِ الصَّدَاقِ وَمِنْ النِّكَاحِ الْقَدِيمِ، وَمِنْ الْإِمْلاَءِ عَلَى مَسَائِلِ مَالِكٍ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله تعالى التَّفْوِيضُ الَّذِي مَنْ تَزَوَّجَ بِهِ عُرِفَ أَنَّهُ تَفْوِيضٌ أَنْ يَتَزَوَّجَ الرَّجُلُ الْمَرْأَةَ الثَّيِّبَ الْمَالِكَةَ لِأَمْرِهَا بِرِضَاهَا وَيَقُولُ لَهَا: أَتَزَوَّجُك بِغَيْرِ مَهْرٍ فَالنِّكَاحُ فِي هَذَا ثَابِتٌ فَإِنْ أَصَابَهَا فَلَهَا مَهْرُ مِثْلِهَا، وَإِنْ لَمْ يُصِبْهَا حَتَّى طَلَّقَهَا فَلَهَا الْمُتْعَةُ، وَقَالَ فِي الْقَدِيمِ بَدَلاً مِنْ الْعُقْدَةِ وَلاَ وَقْتَ فِيهَا وَاسْتُحْسِنَ بِقَدْرِ ثَلاَثِينَ دِرْهَمًا أَوْ مَا رَأَى الْوَالِي بِقَدْرِ الزَّوْجَيْنِ فَإِنْ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يُسَمِّيَ مَهْرًا أَوْ مَاتَتْ فَسَوَاءٌ. وَقَدْ رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِأَبِي هُوَ وَأُمِّي {أَنَّهُ قَضَى فِي بِرْوَعَ بِنْتِ وَاشِقٍ وَنُكِحَتْ بِغَيْرِ مَهْرٍ فَمَاتَ زَوْجُهَا فَقَضَى لَهَا بِمَهْرِ نِسَائِهَا وَبِالْمِيرَاثِ} فَإِنْ كَانَ يَثْبُتُ فَلاَ حُجَّةَ فِي قَوْلِ أَحَدٍ دُونَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم يُقَالُ مَرَّةً عَنْ مَعْقِلِ بْنِ يَسَارٍ وَمَرَّةً عَنْ مَعْقِلِ بْنِ سِنَانٍ وَمَرَّةً عَنْ بَعْضِ بَنِي أَشْجَعَ، وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ فَلاَ مَهْرَ وَلَهَا الْمِيرَاثُ وَهُوَ قَوْلُ عَلِيٍّ وَزَيْدٍ وَابْنِ عُمَرَ. قَالَ وَمَتَى طَلَبَتْ الْمَهْرَ فَلاَ يَلْزَمُهُ إلَّا أَنْ يَفْرِضَهُ السُّلْطَانُ لَهَا أَوْ يَفْرِضَهُ هُوَ لَهَا بَعْدَ عِلْمِهَا بِصَدَاقِ مِثْلِهَا فَإِنْ فَرَضَهُ فَلَمْ تَرْضَهُ حَتَّى فَارَقَهَا لَمْ يَكُنْ إلَّا مَا اجْتَمَعَا عَلَيْهِ فَيَكُونُ كَمَا لَوْ كَانَ فِي الْعُقْدَةِ وَقَدْ يَدْخُلُ فِي التَّفْرِيضِ وَلَيْسَ بِالتَّفْوِيضِ الْمَعْرُوفِ وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا قَبْلَهُ وَهُوَ أَنْ تَقُولَ لَهُ: أَتَزَوَّجُك عَلَى أَنْ تَفْرِضَ لِي مَا شِئْت أَنْتَ أَوْ شِئْت أَنَا فَهَذَا كَالصَّدَاقِ الْفَاسِدِ فَلَهَا مَهْرُ مِثْلِهَا. قَالَ الْمُزَنِيّ رحمه الله هَذَا بِالتَّفْوِيضِ أَشْبَهُ. تَفْسِيرُ مَهْرِ مِثْلِهَا مِنْ الْجَامِعِ مِنْ كِتَابِ الصَّدَاقِ وَكِتَابِ الْإِمْلاَءِ عَلَى مَسَائِلِ مَالِكٍ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله وَمَتَى قُلْت: لَهَا مَهْرُ نِسَائِهَا فَإِنَّمَا أَعْنِي نِسَاءَ عَصَبَتِهَا وَلَيْسَ أُمُّهَا مِنْ نِسَائِهَا وَأَعْنِي نِسَاءَ بَلَدِهَا وَمَهْرَ مَنْ هُوَ فِي مِثْلِ سِنِّهَا وَعَقْلِهَا وَحُمْقِهَا وَجَمَالِهَا وَقُبْحِهَا وَيُسْرِهَا وَعُسْرِهَا وَأَدَبِهَا وَصَرَاحَتِهَا وَبِكْرًا كَانَتْ أَوْ ثَيِّبًا؛ لِأَنَّ الْمُهُورَ بِذَلِكَ تَخْتَلِفُ وَأَجْعَلُهُ نَقْدًا كُلَّهُ؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ بِالْقِيمَةِ لاَ يَكُونُ بِدَيْنٍ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا نَسَبٌ فَمَهْرُ أَقْرَبِ النَّاسِ مِنْهَا شَبَهًا فِيمَا وَصَفْت، وَإِنْ كَانَ نِسَاؤُهَا إذَا نَكَحْنَ فِي عَشَائِرِهِنَّ خَفَّفْنَ خَفَّفَتْ فِي عَشِيرَتِهَا.
مِنْ كِتَابِ الصَّدَاقِ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله: وَإِذَا اخْتَلَفَ الزَّوْجَانِ فِي الْمَهْرِ قَبْلَ الدُّخُولِ أَوْ بَعْدَهُ تَحَالَفَا وَلَهَا مَهْرُ مِثْلِهَا وَبَدَأْت بِالرَّجُلِ وَهَكَذَا الزَّوْجُ وَأَبُو الصَّبِيَّةِ الْبِكْرِ وَوَرَثَةُ الزَّوْجَيْنِ أَوْ أَحَدُهُمَا وَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمَرْأَةِ مَا قَبَضَتْ مَهْرَهَا؛ لِأَنَّهُ حَقٌّ مِنْ الْحُقُوقِ فَلاَ يَزُولُ إلَّا بِإِقْرَارِ الَّذِي لَهُ الْحَقُّ وَمَنْ إلَيْهِ الْحَقُّ فَإِنْ قَالَتْ الْمَرْأَةُ الَّذِي قَبَضْت هَدِيَّةٌ وَقَالَ: بَلْ هُوَ مَهْرٌ فَقَدْ أَقَرَّتْ بِمَالٍ وَادَّعَتْ مِلْكَهُ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ. قَالَ وَيَبْرَأُ بِدَفْعِ الْمَهْرِ إلَى أَبِي الْبِكْرِ صَغِيرَةً كَانَتْ أَوْ كَبِيرَةً الَّتِي يَلِي أَبُوهَا بُضْعَهَا وَمَالَهَا.
مِنْ كِتَابِ الصَّدَاقِ وَمِنْ كِتَابِ الطَّلاَقِ، وَمِنْ الْإِمْلاَءِ عَلَى مَسَائِلِ مَالِكٍ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله وَإِذَا عَقَدَ النِّكَاحَ بِأَلْفٍ عَلَى أَنَّ لِأَبِيهَا أَلْفًا فَالْمَهْرُ فَاسِدٌ؛ لِأَنَّ الْأَلْفَ لَيْسَ بِمَهْرٍ لَهَا وَلاَ بِحَقٍّ لَهُ بِاشْتِرَاطِهِ إيَّاهُ، وَلَوْ نَكَحَ امْرَأَةً عَلَى أَلْفٍ وَعَلَى أَنْ يُعْطِيَ أَبَاهَا أَلْفًا كَانَ جَائِزًا وَلَهَا مَنْعُهُ وَأَخْذُهَا مِنْهُ؛ لِأَنَّهَا هِبَةٌ لَمْ تُقْبَضْ أَوْ وَكَالَةٌ، وَلَوْ أَصْدَقَهَا أَلْفًا عَلَى أَنَّ لَهَا أَنْ تَخْرُجَ أَوْ عَلَى أَنْ لاَ يُخْرِجَهَا مِنْ بَلَدِهَا أَوْ عَلَى أَنْ لاَ يَنْكِحَ عَلَيْهَا أَوْ لاَ يَتَسَرَّى أَوْ شَرَطَتْ عَلَيْهِ مَنْعَ مَا لَهُ أَنْ يَفْعَلَهُ فَلَهَا مَهْرُ مِثْلِهَا فِي ذَلِكَ كُلِّهِ فَإِنْ كَانَ قَدْ زَادَهَا عَلَى مَهْرِ مِثْلِهَا وَزَادَهَا الشَّرْطَ أَبْطَلْتَ الشَّرْطَ وَلَمْ أَجْعَلْ لَهَا الزِّيَادَةَ لِفَسَادِ عَقْدِ الْمَهْرِ بِالشَّرْطِ، أَلاَ تَرَى لَوْ اشْتَرَى عَبْدًا بِمِائَةِ دِينَارٍ وَزِقِّ خَمْرٍ فَمَاتَ الْعَبْدُ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي وَرَضِيَ الْبَائِعُ أَنْ يَأْخُذَ الْمِائَةَ وَيُبْطِلَ الزِّقَّ الْخَمْرَ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الثَّمَنَ انْعَقَدَ بِمَا لاَ يَجُوزُ فَبَطَلَ وَكَانَتْ لَهُ قِيمَةُ الْعَبْدِ، وَلَوْ أَصْدَقَهَا دَارًا وَاشْتَرَطَ لَهُ أَوْ لَهُمَا الْخِيَارَ فِيهَا كَانَ الْمَهْرُ فَاسِدًا. قَالَ وَلَوْ ضَمِنَ نَفَقَتَهَا أَبُو الزَّوْجِ عَشْرَ سِنِينَ فِي كُلِّ سَنَةٍ كَذَا لَمْ يَجُزْ ضَمَانُ مَا لَمْ يَجِبْ وَأَنَّهُ مَرَّةً أَقَلُّ وَمَرَّةً أَكْثَرُ، وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ: ضَمِنْت لَك مَا دَايَنْت بِهِ فُلاَنًا أَوْ مَا وَجَبَ لَك عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ ضَمِنَ مَا لَمْ يَكُنْ وَمَا يَجْهَلُ.
مِنْ الْجَامِعِ وَمِنْ كِتَابِ الصَّدَاقِ، وَمِنْ الْإِمْلاَءِ عَلَى مَسَائِلِ مَالِكٍ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله: قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ إلَّا أَنْ يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ}. قَالَ وَاَلَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ الزَّوْجُ، وَذَلِكَ أَنَّهُ إنَّمَا يَعْفُو مِنْ مِلْكٍ فَجَعَلَ لَهَا مِمَّا وَجَبَ لَهَا مِنْ نِصْفِ الْمَهْرِ أَنْ تَعْفُوَ وَجَعَلَ لَهُ أَنْ يَعْفُوَ بِأَنْ يُتِمَّ لَهَا الصَّدَاقَ وَبَلَغَنَا عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه أَنَّ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ الزَّوْجُ وَهُوَ قَوْلُ شُرَيْحٍ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَرُوِيَ عَنْ ابْنِ الْمُسَيِّبِ وَهُوَ قَوْلُ مُجَاهِدٍ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله: فَأَمَّا أَبُو الْبِكْرِ وَأَبُو الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ فَلاَ يَجُوزُ عَفْوُهُمَا كَمَا لاَ تَجُوزُ لَهَا هِبَةُ أَمْوَالِهِمَا، وَأَيُّ الزَّوْجَيْنِ عَفَا عَمَّا فِي يَدَيْهِ فَلَهُ الرُّجُوعُ قَبْلَ الدَّفْعِ أَوْ الرَّدُّ وَالتَّمَامُ أَفْضَلُ. قَالَ: وَلَوْ وَهَبَتْ لَهُ صَدَاقَهَا قَبْلَ أَنْ يَمَسَّهَا فَفِيهَا قَوْلاَنِ: أَحَدُهُمَا: يَرْجِعُ عَلَيْهَا بِنِصْفِهِ وَالْآخَرُ لاَ يَرْجِعُ عَلَيْهَا بِشَيْءٍ مَلَكَهُ. قَالَ الْمُزَنِيّ رحمه الله: وَقَالَ فِي كِتَابِ الْقَدِيمِ: لاَ يَرْجِعُ إذَا قَبَضَتْهُ فَوَهَبَتْهُ لَهُ أَوْ لَمْ تَقْبِضْهُ؛ لِأَنَّ هِبَتَهَا لَهُ إبْرَاءٌ لَيْسَ كَاسْتِهْلاَكِهَا إيَّاهُ لَوْ وَهَبَتْهُ لِغَيْرِهِ فَبِأَيِّ شَيْءٍ يَرْجِعُ عَلَيْهَا فَمَا صَارَ إلَيْهِ؟ قَالَ وَكَذَلِكَ إنْ أَعْطَاهَا نِصْفَهُ ثُمَّ وَهَبَتْ لَهُ النِّصْفَ الْآخَرَ ثُمَّ طَلَّقَهَا لَمْ يَرْجِعْ بِشَيْءٍ وَلاَ أَعْلَمُ قَوْلاً غَيْرَ هَذَا إلَّا أَنْ يَقُولَ قَائِلٌ: هِبَتُهَا لَهُ كَهِبَتِهَا لِغَيْرِهِ وَالْأَوَّلُ عِنْدَنَا أَحْسَنُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَلِكُلِّ وَجْهٍ. قَالَ الْمُزَنِيّ وَالْأَحْسَنُ أَوْلَى بِهِ مِنْ الَّذِي لَيْسَ بِأَحْسَنَ وَالْقِيَاسُ عِنْدِي عَلَى قَوْلِهِ مَا قَالَ فِي كِتَابِ الْإِمْلاَءِ إذَا وَهَبَتْ لَهُ النِّصْفَ أَنْ يَرْجِعَ عَلَيْهَا بِنِصْفِ مَا بَقِيَ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله وَإِنْ خَالَعَتْهُ بِشَيْءٍ مِمَّا عَلَيْهِ مِنْ الْمَهْرِ فَمَا بَقِيَ فَعَلَيْهِ نِصْفُهُ. قَالَ الْمُزَنِيّ هَذَا أَشْبَهُ بِقَوْلِهِ؛ لِأَنَّ النِّصْفَ مُشَاعٌ فِيمَا قَبَضَتْ وَبَقِيَ. قَالَ فَأَمَّا فِي الصَّدَاقِ غَيْرِ الْمُسَمَّى أَوْ الْفَاسِدِ فَالْبَرَاءَةُ فِي ذَلِكَ بَاطِلَةٌ؛ لِأَنَّهَا أَبْرَأَتْهُ مِمَّا لاَ تَعْلَمُ. قَالَ: وَلَوْ قَبَضَتْ الْفَاسِدَ ثُمَّ رَدَّتْهُ عَلَيْهِ كَانَتْ الْبَرَاءَةُ بَاطِلَةً وَلَهَا مَهْرُ مِثْلِهَا إلَّا أَنْ يَكُونَ بَعْدَ مَعْرِفَةِ الْمَهْرِ أَوْ يُعْطِيَهَا مَا تَسْتَيْقِنُ أَنَّهُ أَقَلُّ وَتُحَلِّلُهُ مِمَّا بَيْنَ كَذَا إلَى كَذَا أَوْ يُعْطِيهَا أَكْثَرَ وَيُحَلِّلُهَا مِمَّا بَيْنَ كَذَا إلَى كَذَا.
مِنْ الْجَامِعِ وَمِنْ كِتَابِ عِشْرَةِ النِّسَاءِ وَمِنْ كِتَابِ الطَّلاَقِ الْقَدِيمِ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله: وَلَيْسَ لَهُ الدُّخُولُ بِهَا حَتَّى يُعْطِيَهَا الْمَالَ فَإِنْ كَانَ كُلُّهُ دَيْنًا فَلَهُ الدُّخُولُ بِهَا وَتُؤَخِّرُ يَوْمًا وَنَحْوَهُ لِتُصْلِحَ أَمْرَهَا وَلاَ يُجَاوِزُ بِهَا ثَلاَثًا إلَّا أَنْ تَكُونَ صَغِيرَةً لاَ تَحْتَمِلُ الْجِمَاعَ فَيَمْنَعُهُ أَهْلُهَا حَتَّى تَحْتَمِلَ وَالصَّدَاقُ كَالدَّيْنِ سَوَاءٌ وَلَيْسَ عَلَيْهِ دَفْعُ صَدَاقِهَا وَلاَ نَفَقَتِهَا حَتَّى تَكُونَ فِي الْحَالِ الَّتِي يُجَامَعُ مِثْلُهَا وَيُخَلَّى بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ، وَإِنْ كَانَتْ بَالِغَةً فَقَالَ: لاَ أَدْفَعُ حَتَّى تُدْخِلُوهَا وَقَالُوا: لاَ نُدْخِلُهَا حَتَّى تَدْفَعَ فَأَيُّهُمَا تَطَوَّعَ أَجْبَرْت الْآخَرَ، فَإِنْ امْتَنَعُوا مَعًا أَجْبَرْت أَهْلَهَا عَلَى وَقْتٍ يُدْخِلُونَهَا فِيهِ وَأَخَذْت الصَّدَاقَ مِنْ زَوْجِهَا فَإِذَا دَخَلَتْ دَفَعْته إلَيْهَا وَجَعَلْت لَهَا النَّفَقَةَ إذَا قَالُوا: نَدْفَعُهَا إلَيْهِ إذَا دَفَعَ الصَّدَاقَ إلَيْنَا، وَإِنْ كَانَتْ نِضْوًا أُجْبِرَتْ عَلَى الدُّخُولِ إلَّا أَنْ يَكُونَ مِنْ مَرَضٍ لاَ يُجَامَعُ فِيهِ مِثْلُهَا فَتُمْهَلُ، وَإِنْ أَفْضَاهَا فَلَمْ تَلْتَئِمْ فَعَلَيْهِ دِيَتُهَا وَلَهَا الْمَهْرُ كَامِلاً وَلَهَا مَنْعُهُ أَنْ يُصِيبَهَا حَتَّى تَبْرَأَ الْبُرْءَ الَّذِي إنْ عَادَ لَمْ يَنْكَأْهَا وَلَمْ يَزِدْ فِي جَرْحِهَا وَالْقَوْلُ فِي ذَلِكَ قَوْلُهَا، فَإِنْ دَخَلَتْ عَلَيْهِ فَلَمْ يَمَسَّهَا حَتَّى طَلَّقَهَا فَلَهَا نِصْفُ الْمَهْرِ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى {, وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ} فَإِنْ احْتَجَّ مُحْتَجٌّ بِالْأَثَرِ عَنْ عُمَرَ رضي الله عنه فِي إغْلاَقِ الْبَابِ وَإِرْخَاءِ السِّتْرِ أَنَّهُ يُوجِبُ الْمَهْرَ فَمِنْ قَوْلِ عُمَرَ مَا ذَنْبُهُنَّ لَوْ جَاءَ بِالْعَجْزِ مِنْ قَبْلِكُمْ؟ فَأَخْبَرَ أَنَّهُ يَجِبُ إذَا خَلَّتْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ نَفْسِهَا كَوُجُوبِ الثَّمَنِ بِالْقَبْضِ، وَإِنْ لَمْ يُغْلِقْ بَابًا وَلَمْ يُرْخِ سِتْرًا. قَالَ وَسَوَاءٌ طَالَ مُقَامُهُ مَعَهَا أَوْ قَصُرَ لاَ يَجِبُ الْمَهْرُ وَالْعِدَّةُ إلَّا بِالْمَسِيسِ نَفْسِهِ. قَالَ الْمُزَنِيّ رحمه الله قَدْ جَاءَ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ وَابْنِ عَبَّاسٍ مَعْنَى مَا قَالَ الشَّافِعِيُّ وَهُوَ ظَاهِرُ الْقُرْآنِ.
مِنْ كِتَابِ الطَّلاَقِ قَدِيمٍ وَجَدِيدٍ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله: جَعَلَ اللَّهُ الْمُتْعَةَ لِلْمُطَلَّقَاتِ وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ لِكُلِّ مُطَلَّقَةٍ مُتْعَةٌ إلَّا الَّتِي فَرَضَ لَهَا وَلَمْ يَدْخُلْ بِهَا فَحَسْبُهَا نِصْفُ الْمَهْرِ. قَالَ فَالْمُتْعَةُ عَلَى كُلِّ زَوْجٍ طَلَّقَ وَلِكُلِّ زَوْجَةٍ إذَا كَانَ الْفِرَاقُ مِنْ قِبَلِهِ أَوْ يَتِمُّ بِهِ مِثْلَ أَنْ يُطَلِّقَ أَوْ يُخَالِعَ أَوْ يَمْلِكَ أَوْ يُفَارِقَ وَإِذَا كَانَ الْفِرَاقُ مِنْ قِبَلِهِ فَلاَ مُتْعَةَ لَهَا وَلاَ مَهْرَ أَيْضًا؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ بِمُطَلَّقَةٍ وَكَذَلِكَ إذَا كَانَتْ أَمَةً فَبَاعَهَا سَيِّدُهَا مِنْ زَوْجِهَا فَهُوَ أَفْسَدَ النِّكَاحَ بِبَيْعِهِ إيَّاهَا مِنْهُ فَأَمَّا الْمُلاَعَنَةُ فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْهُ وَمِنْهَا وَلِأَنَّهُ إنْ شَاءَ أَمْسَكَهَا فَهِيَ كَالْمُطَلَّقَةِ وَأَمَّا امْرَأَةُ الْعِنِّينِ فَلَوْ شَاءَتْ أَقَامَتْ مَعَهُ وَلَهَا عِنْدِي مُتْعَةٌ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. قَالَ الْمُزَنِيّ رحمه الله هَذَا عِنْدِي غَلَطٌ عَلَيْهِ وَقِيَاسُ قَوْلِهِ لاَ حَقَّ لَهَا؛ لِأَنَّ الْفِرَاقَ مِنْ قِبَلِهَا دُونَهُ.
مِنْ كِتَابِ الطَّلاَقِ إمْلاَءٌ عَلَى مَسَائِلِ مَالِكٍ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله الْوَلِيمَةُ الَّتِي تُعْرَفُ وَلِيمَةُ الْعُرْسِ وَكُلُّ دَعْوَةٍ عَلَى إمْلاَكٍ أَوْ نِفَاسٍ أَوْ خِتَانٍ أَوْ حَادِثِ سُرُورٍ فَدَعَا إلَيْهَا رَجُلٌ فَاسْمُ الْوَلِيمَةِ يَقَعُ عَلَيْهَا وَلاَ أُرَخِّصُ فِي تَرْكِهَا وَمَنْ تَرَكَهَا لَمْ يَبِنْ لِي أَنَّهُ عَاصٍ كَمَا يَبِينُ لِي فِي وَلِيمَةِ الْعُرْسِ؛ لِأَنِّي لاَ أَعْلَمُ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم تَرَكَ الْوَلِيمَةَ عَلَى عُرْسٍ وَلاَ أَعْلَمُهُ أَوْلَمَ عَلَى غَيْرِهِ، {وَأَوْلَمَ عَلَى صَفِيَّةَ رضي الله عنها فِي سَفَرٍ بِسَوِيقٍ وَتَمْرٍ وَقَالَ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ أَوْلِمْ، وَلَوْ بِشَاةٍ}. قَالَ: وَإِنْ كَانَ الْمَدْعُوُّ صَائِمًا أَجَابَ الدَّعْوَةَ وَبَرَكَ وَانْصَرَفَ وَلَيْسَ بِحَتْمٍ أَنْ يَأْكُلَ وَأُحِبُّ لَوْ فَعَلَ وَقَدْ دُعِيَ ابْنُ عُمَرَ رضي الله عنهما فَجَلَسَ وَوُضِعَ الطَّعَامُ فَمَدَّ يَدُهُ وَقَالَ: خُذُوا بِسْمِ اللَّهِ ثُمَّ قَبَضَ يَدَهُ، وَقَالَ: إنِّي صَائِمٌ. قَالَ فَإِنْ كَانَ فِيهَا الْمَعْصِيَةُ مِنْ الْمُنْكَر أَوْ الْخَمْرِ أَوْ مَا أَشْبَهَهُ مِنْ الْمَعَاصِي الظَّاهِرَةِ نَهَاهُمْ فَإِنْ نَحَّوْا ذَلِكَ عَنْهُ وَإِلَّا لَمْ أُحِبَّ لَهُ أَنْ يَجْلِسَ فَإِنْ عَلِمَ ذَلِكَ عِنْدَهُمْ لَمْ أُحِبَّ لَهُ أَنْ يُجِيبَ فَإِنْ رَأَى صُوَرًا ذَاتَ أَرْوَاحٍ لَمْ يَدْخُلْ إنْ كَانَتْ مَنْصُوبَةً، وَإِنْ كَانَتْ تُوطَأُ فَلاَ بَأْسَ فَإِنْ كَانَ صُوَرُ الشَّجَرِ فَلاَ بَأْسَ وَأُحِبُّ أَنْ يُجِيبَ أَخَاهُ وَبَلَغَنَا أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ {لَوْ أُهْدَى إلَيَّ ذِرَاعٌ لَقَبِلْت، وَلَوْ دُعِيت إلَى كُرَاعٍ لاََجَبْت}. قَالَ فِي نَثْرِ الْجَوْزِ وَاللَّوْزِ وَالسُّكْرِ فِي الْعُرْسِ لَوْ تُرِكَ كَانَ أَحَبَّ إلَيَّ؛ لِأَنَّهُ يُؤْخَذُ بِخِلْسَةٍ وَنُهْبَةٍ وَلاَ يَبِينُ أَنَّهُ حَرَامٌ إلَّا أَنَّهُ قَدْ يَغْلِبُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا فَيَأْخُذُ مِنْ غَيْرِهِ أَحَبَّ إلَى صَاحِبِهِ.
|